قضية خريجي دبلوم اللغة الإنجليزية

قضية خريجي دبلوم اللغة الإنجليزية (الشهيرة ) قضية بدأت منذ عام 1425هـ، عندما طالبت مجموعة من خريجي هذا الدبلوم بحقها في التعيين في وزارة التربية والتعليم كمعلمين في المرحلة الابتدائية، أو إعادة أموالهم التي دفعوها ثمناً لهذا الدبلوم وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم جراء التحاقهم بهذا الدبلوم، الذي نفذته أكاديمية الفيصل العالمية بدعم وغطاء أكاديمي من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
وتم استقطاب هؤلاء الخريجين للالتحاق بالدبلوم بناء على ما جاء في الإعلان عنه بأنه مصنف من قبل الخدمة المدنية على المرتبة السادسة، وأنه سيخرج معلمين مؤهلين لتدريس مقرر اللغة الإنجليزية لتلاميذ رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية.. ولهذا تم الالتحاق والثقة بالدرجة الأولى في غطاء الأكاديمية والجامعة!!
وبالطبع بقية المأساة معروفة لمن كان يتابع معهم من معظم الكتاب (رجالا ونساء) في جميع الصحف، فقد رفضت وزارة التربية والتعليم تعيينهم بحجة عدم حصولهم على البكالوريوس وأيضاً لأن الوزارة لا تسمح بتعيين حاملي الدبلومات.. بينما قامت بتعيين حملة دبلوم الحاسب الآلي قبل هذه الدفعة وأيضاً بعدهم!! وتم تعيينهم معلمين للحاسب الآلي تحت بند محضري مختبرات!! وكانت تبحث عن معلمين للغة الإنجليزية ليقوموا بالتدريس لطلبة المرحلة الابتدائية في تلك الفترة من خارج المملكة ولم يطالبوهم بالشروط التي فرضوها على هؤلاء الخريجين!! وعندما أخفقوا في محاولاتهم مع الجامعة والأكاديمية، لجأوا إلى ديوان المظالم لينصفهم من هذا الظلم المركب الذي وقع عليهم من عدة جهات.
حينها أصدر ديوان المظالم الحكم بإلزام جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بأن تعيد الرسوم الدراسية البالغة 25 ألف ريال لكل طالب في الدبلوم. وعددهم 110 طلاب, وأيضاً إلزامها بتعويض الطلاب بمبلغ 1500ريال عن كل شهر من بدء الدبلوم وحتى التخرج وعددها 24 شهرا .. ورفضت أي دعوى ضد وزارة الخدمة المدنية ووزارة التربية والتعليم!! ثم عادت القضية إلى المحاكم ليصدر في شأنها حكم آخر ونهائي، من ديوان المظالم يقضي بإعادة الرسوم للطلبة دون التعويضات وكان ذلك في الأسبوع الأول من شهر ذي القعدة 1427 هـ، ورغم هذا لم يتم تسليم هؤلاء الخريجين أي ريال إلى الآن!!
واصل هؤلاء الخريجون رحلة مطالبتهم بحقوقهم التي كفلها لهم الحكم الصادر من ديوان المظالم قبل عامين، فتقدموا برفع شكواهم إلى هيئة حقوق الإنسان ضد «جامعة الإمام»، طالبوا فيها تنفيذ حكم ديوان المظالم. وقابلوا مدير الجامعة السابق معالي الدكتور محمد السالم للاستفسار منه عن صرف مستحقاتهم التي صدر بها الحكم، إلا أنه لم يتجاوب معهم في تلك الفترة، ثم قابلوا المدير الحالي للجامعة معالي الدكتور سليمان أبا الخيل بعد بثهم تفاصيل قضيتهم في برنامج "صاحب القضية" بقناة الإخبارية في مطلع شهر شعبان 1428هـ، في ذلك اللقاء وعدهم مدير الجامعة بتنفيذ حكم المحكمة، وأن معالي وزير التعليم العالي سيرفع خطاباً إلى معالي وزير المالية لصرف وإعادة الرسوم الدراسية لهم.
ولكن هذا الوعد لم ينفذ بحجة عدم اعتماد بند للتعويضات في ميزانية الجامعة!!
وهكذا نجد أن ثقة هؤلاء الطلاب المتضررين في سرعة تنفيذ الحكم القضائي بإعادة الرسوم تبخرت، ولكنهم رغم هذا كانوا مصرين على نيل حقوقهم ولهذا أنشأوا موقعا إلكترونيا لقضيتهم ليعرضوا فيه آخر أخبار القضية من مصادرها، وما الجديد فيها . ويتضمن الموقع ثلاثة أقسام رئيسية هي: قضية دبلوم إعداد معلمي اللغة الإنجليزية للمرحلة الابتدائية (وتشمل آخر أخبار القضية، وأسباب انهيار القضية، والمقالات التي أثيرت حولها)، والقسم الثاني يتناول الجوانب القانونية والتقارير والأخبار الصحفية حول القضية، إلى جانب القسم الثالث وهو أرشيف وثائقي للقضية وأخبارها.
ومَن لا يعرف عن هذه القضية أقول إن وراء كل مبلغ دفع رسوما لهذا الدبلوم معاناة مجموعة من الأرامل ممن ألحقن أبناءهن في هذا الدبلوم، لجأن إلى بيع ما يملكنه من مجوهرات أو أراضٍ وما سواهما رغبة منهن في إعداد أبنائهن للحياة الوظيفية التي تعود عليهن وعلى أسرهن بالحياة الكريمة، ثم كانت النتيجة صفراً لأن البعض خذل أولئك الأرامل كما خذل بقية المتضررين.
ومن ركام المأساة نجد الدور المحوري والجوهري الذي قامت به الأمهات ما يؤهلهن للحصول على جوائز الأم المثالية دون تنافس، بل إن هذا الموقف الإنساني الذي قمن به يمكن أن يكون موضوعا اجتماعيا يدرس في مقررات المواد نموذجا لعطاء الأمهات اللا محدود. وإني هنا أحيي كل أم وقفت هذه الوقفة البطولية لتدفع ابنها للتأهيل والتدريب ليكون كفؤا لخدمة وطنه، رغم ما قوبل به هذا العطاء من تخاذل سواء من قبل وزارة التربية والتعليم أو من قبل الجامعة نفسها وهي مؤسسة تربوية!!
وخلفها أيضا إعلانات مخادعة نشرت في الصحف استخدمت كي ترغبهم في هذا الدبلوم النكبة عليهم وتؤكد أن هذا الدبلوم معتمد من وزارة التربية والتعليم!! وكان متوقعا أن تعاقب الجهة التي أعلنت على هذا الخداع.
وفي صفحة من مجلد هذه القضية ما نشر في الصحف في 2/9/1429هـ أن الجامعة طلبت سحب شهادات ووثائق هؤلاء الخريجين التي حصلوا عليها من أكاديمية الفيصل العالمية،قبل أن تنفذ الحكم.
فيما علق أحد الطلاب بقوله: إنهم وإن استعادوا تلك الشهادات الورقية فلن يستعيدوا ما تعلمناه في عقولنا!
أحدث صفحة في هذا المجلد ما ذكره مدير الجامعة معالي الدكتور سليمان أبا الخيل ونشر في جريدة "الحياة" 13/11/2008 م: (إن الجامعة بذلت ما تستطيع لحل مشكلة طلاب دبلوم اللغة الإنجليزية التي بدأت عام 1423هـ، لافتاً النظر إلى أن الموافقة صدرت على أمرين، الأول يتعلق بأن هؤلاء الطلاب يصنفون بما يتوافق مع شهاداتهم التي حصلوا عليها، والأمر الآخر هو أن تدفع لهم مستحقاتهم التي دفعوها ورفعت الجامعة ما لديها فيما يتعلق بهذه الرسوم وننتظر الموافقة على ما اقترحته الجامعة من وزارة المالية).
أما أقسى صفحة في هذا القضية هي أن بعض خريجي هذا الدبلوم انتقلوا إلى رحمة الله وهم لم يسترجعوا أي جزء من حقوقهم المادية والمعنوية!!
فمتى ينصف هؤلاء؟؟ ومتى تنفذ وصية خادم الحرمين الشريفين للمسؤولين ألا يقصروا في إيفاء أي مواطن حقه؟؟
إن ما يعيشه هؤلاء الخريجون منذ بدء معاناتهم وإلى الآن، وما صرفوه من مبالغ سواء على الإعلانات التي نشرت في الصحف أو الرسوم التي دفعت للمحامين، وما تم دفعه بالطبع رسوما لهذا الدبلوم، يتطلب (إنصافا عاجلا) من مسؤولي الجامعة ووزارة المالية. فأقسى ظلم هو ظلم من يملك القدرة على الإنصاف ولا يتبعه. وما حدث من مماطلة لعدم تنفيذ الأحكام القضائية تعد نوعا من زعزعة الثقة لدى أصحاب الحقوق، وإذا لم تحترم هذه الأحكام فما الذي يستحق الاحترام؟

اتكاءة الحرف:

قيل لبعض السلف: كم بين السماء والأرض؟ فقال: دعوة مظلوم!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي