حكاية وزير وملف (علاّقي) ..!
يحكى أن أحد رجال الأعمال الذين خسروا كل أموالهم في سوق الأسهم السعودية اقتنص الفرصة أثناء زيارة معالي وزير العمل الدكتور غازي القصيبي لبيت السعودة في مدينة جدة, وتوجه إليه حاملاً ملفاً علاقياً أخضر (حسب تخميني للون طبعاً) مطالباً إياه بمراعاة ظروفه التي أوصلته إليها خسارته وتوفير وظيفة مناسبة له، مؤكداً أنه كان قبل خسارته صاحب شركة وقد تقدم إلى عديد من الشركات بغرض التوظيف ولكن جميع أوراقه رفضت ولم تجد القبول بحجة أنه لا يجيد اللغة الإنجليزية، وأنه كبير في السن، وقد قام القصيبي بأخذ أوراقه لعرضها ودراستها والبحث له عن وظيفة مناسبة!
هذه الحكاية لم يروها لي جاري عن جاره عن أبيه عن ابن عمته، بل نشرتها الصحف, ولذلك توقفت أمامها حزيناً في بادئ الأمر على ما آل إليه وضع المواطن ذي الملف العلاّقي رغم أن أمثاله كثر، فلسوقنا كما تعلمون ضحايا جدد كل ساعة, لكنني تنبهت إلى ما أحزنني بشكل أكبر وهو اضطرار مثل هذا الشخص إلى ترقب الوزير أثناء زيارته لمناسبة ما والهجوم عليه بالملف هجمة تهتز لها الصحافة, ولا أعلم حقيقة ما الذي يمكن أن يكون أسوأ من ذلك!
ثم إنني أتساءل عن النتيجة المرجوة من مثل هذا العمل فإن كان معالي الوزير سيستثني الرجل من معاناة الوقوف في طوابير طويلة في مكاتب العمل للحصول على وظيفة تسد رمقه فهذا يعني أننا عرفنا (الشيفرة) ويجب أن نوجه جميع معارفنا الذين يعانون البطالة وجميع المواطنين الخاسرين في سوق الأسهم إلى حمل ملفاتهم وترقب حضور معالي الوزير لأي مناسبة والهجوم عليه بالمعاريض هجمة رجل واحد وستنحل مشاكلهم بإذن الله!
أما إن كانت النتيجة ستتطابق تماماً مع النتيجة التي سيجنيها طالب العمل الذي غادر فراشه قبل الفجر حاملاً ملفه لحجز مكان في طابور طالبي الوظائف في مكتب العمل فهي نتيجة جيدة لسببين.. أولهما: أن نطمئن تماماً على أن لا استثناءات قد تمنح أحدهم وظيفة يستحقها غيره لمجرد أنه اقتنص فرصة زيارة معالي الوزير ودهمه خلالها.. وثانيهما: أن نضمن عدم عودة الناس إلى ثقافة المعاريض التي سادت لفترة طويلة لاعتقادهم بأنها تمنح صاحبها فرصاً أفضل من الفرص التي سيحصل عليها من اكتفى بتعبئة نموذج التوظيف بطريقة نظامية.
بقي أن أقول إن معالي وزير العمل الدكتور غازي القصيبي وزير مجتهد ومخلص في أداء عمله، وهذا أمر لا يمكن أن يشكك فيه مَن يعرف سيرته جيداً, ولهذا فمن المفترض أن يستمع لصراخ الناس الذين لا يحملون معاريض ولا يعلمون في أي مناسبة عامة سيكون غداً.. ومنها هذه الصرخة التي كتبها مواطن مخلص بحرقة كتعليق على خبر صاحب الملف العلاقي في موقع إلكتروني لإحدى الصحف:
"يا معالي وزير العمل المحترم.. هذا المواطن خسر ما يملك بسبب سوق الأسهم وأنا خسرت ما أملك بسببك أنت، لأن مشروعي فشل وانهار بسبب سياساتك، وكنت سأتزوج و(خاطب) وفسخت خطوبتي وألغيت فكرة الزواج بسبب عدم القدرة المالية، بحثت عن وظائف ووجدت وظائف براتب 2500 ريال، مع أني كنت أكسب أكثر من عشرة أضعاف هذا الراتب. لكن بسبب سياسة وزارة العمل أنا أعيش في غرفة وأشعر بالبرد الآن وأنا أكتب هذا المقال ..و أخيراً..الله يسامحك يا معالي الوزير، وأنا مسامحك، لكن أتمنى تعديل بعض السياسات لكيلا تتكرر حالتي".