مرحبا بضيوف الرحمن

إذا ما لاحت بيوت مكة من بعيد خفقت لها قلوب الحجيج ببيت الله تعالى وزواره ورنت إليها أنظارهم, تتعجل الوصول, حينها تهيج المشاعر إلى تلك المشاعر فتضج بالنداء الخالد, لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، وما أن يلقوا عصا الترحال ويستقر بهم النوى حتى تعتلي في دواخلهم أمنية عزيزة على أنفسهم السكن في مكة واختلاط رفاتهم بترابها فتداعب مخيلتهم تلك الآمال ممتزجة بغبطة أهل مكة على ما حباهم الله من جوار بيته والمقام أليس في ذلك ما يدعو أهل مكة إلى الفخر بالانتماء إلى أحب البقاع إلى الله, إن مشهد الوفود تلو الوفود وهي تتتابع في وصولها إلى البلد الحرام لأكبر حافز لأهلها على تجديد الحب والولاء لهذه البلدة المباركة ويتجدد هذا الحب وذلك الوفاء في حسن استقبال وفد الله والحفاوة بهم وصيانة نفوسهم وأعراضهم وحفظ أموالهم ذلك حق الله على جيران بيت الله وهو في ذاته شكر للنعمة واعتزاز بالجيرة وأداء لواجب الضيافة لوفد الله الذين غادروا الأوطان وخلفوا المال والأهل والولد واستأنسوا بالمقام بين فجاج مكة وبطحائها يستروحون عبير الإيمان ونقاء الطهر على مدى الأزمان فعلى ثراها درج خير الأنبياء وفي رحابها اطمأنت قلوب الأولياء الأصفياء فمن حقه علينا أن تسكن نفسه ويهدأ قلبه وأن يعلم أنه قد استبدل بالأهل أهلا وبالجيران جيرانا.
أهل مكة هم جيران البيت العتيق وهم أحرى بإكرام وفد الله بإبعاد وحشة الغربة عنهم بطيب المعشر ودفء الضيافة وحسن التعامل, خلق نبيل وصبر جميل يمسح آثار الغربة ويعفو وعثاء السفر ويجسد حقيقة الأخوة الإيمانية في أجمل صورها وأبهى معانيها تزيل عن كاهل الوافد الشعور بالغربة وترفع عنه كآبة الوحدة وتدفعه إلى المجيء المرة بعد المرة وتعمق في وجدانه حلاوة الإيمان.
ذلك هو الواجب على أهل بيت الله الحرام نحو وفد الله لا فضل لهم فيه ولا منة بل المنة لله تعالى من قبل ومن بعد إذ أكرمهم بسكنى حرمه وشرفهم بأن أولاهم حفظ الأمانة ورعاية الحرمة وصيانة البلد ورفع قدرهم وأسمى منزلتهم في قلوب المسلمين من جميع أقطار الدنيا وهي نعمة جليلة جديرة بشكر الله سبحانه وأقل وجوه شكر هذه النعمة إكرام وفد زوار بيته.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي