كيف ولماذا؟
عندما أسس أفلاطون أكاديميته وضع منهجاً تربوياً أُثبتت جدارته اليوم، فهو يرى أن الطريقة الوحيدة لتعليم الفرد وإنشاء مجتمع صالح بالتالي هي استخدام طريقة الحوار والمناقشة في صفوف التعلم. من خلال المناقشة تولد طاقة البحث عن إجابات مختلفة، يصبح التفكير مسموعاً بين الطلبة وتتلاقح الأفكار في الطريق للتخلص من الهوى والميل الذاتي والتحيز في البحث عن المعرفة. يتحول الطلبة من أفراد مستمعين جامدين على كرسي الصفّ إلى باحثين متعطشين للمزيد.
هذه الأسئلة المطروحة تتطلب من المتعلم البحث عن مهارات تفكير مختلفة، منها التحليل والاستنتاج والتركيب ومن ثم التقويم، والمدرس الجيد سيتوصل لمعرفة أفكار ومشاعر تلاميذه وتوجههم في تقبل العلم.
قد يكون تطبيق منهج أفلاطون المثالي صعباً على أرض الواقع لكنها تجربة تتبع في عدة مدارس ويعمل فيها كثير من الأساتذة في التعليم بشتى مراحله، لتكريس دافعية المتعلم.
لكن شريحة كبيرة من المعلّمين يرون أن في طرح الأسئلة (خارج) الكتاب مخاطرة وتشتيت لوظيفتهم الأساسية وهي التلقين البدائي ويضعهم بمواجهة مع إجابات قد لا يكونون مستعدين لتصويبها بسبب عدم معرفتهم الكافية في المجال. والحلّ في نظري استغلال هذه الطريقة ليثقف المعلم نفسه أولاً ويفتح مجالات أكبر لقراءاته خارج المنهج، فالكتاب المدرسي وسيلة تعليمية لكن الارتقاء به وظيفة المعلم. خلال كل ذلك تتحول المكتبة والكتب من (بعبع) يخشاه الطالب إلى مركز معرفي متجدد وتعود القراءة لوظيفتها الأولى وهي البحث عن المعرفة. بسياق الحديث عن الأسئلة تذكرت قصة المعلمة التي حاولت ذات تجربة تطبيق نظرية النقاش وطلبت من إحدى الطالبات ذكر نوع من السمك وكانت إجابة الطالبة المجتهدة: تونة، لتقابلها بالاستنكار والرفض فالتونة حسبما تعتقد هي نوع من المعلبات!