خزانة التاريخ!
قد تختصر لوحة زيتية تاريخ مدينة لمائة عام بنظرة واحدة، بينما تستغرق رحلة تتبعنا لتفاصيل مشابهة بين صفحات الكتب أياماً، لذلك يتوجّه كثير من المهتمين بالشؤون التاريخية للفنّ بوصفه الخازن المصوّر لتراث الحضارات السابقة والآنية.
لكن الاهتمام بهذا المصدر ما زال لا يرتقى للمأمول منه في العالم العربي، وما زالت الفنون في كثير من الأقطار مصنفة ضمن كماليات المجتمع، بينما يتوجب أن تكون الدلالة على رقي الدول. والفنون تشمل الحرف والصناعات اليدوية كالحياكة مثلاً وهناك الفنون التعبيرية كالرسم، وإجمالاً يعنى الفنّ بكل ما هو جميل ومبدع.
كما تتداخل بعض العلوم الإنسانية والفن في عدة مواضع كاستخدام علم الهندسة والمثلثات في الرّسم وتشييد العمران، والكيمياء لإنتاج المركبات والمحاليل المستخدمة في صنع الأقمشة والمنحوتات.
وازدهار الفنون في منطقة ما، يدلّ على عمق الحضارة فيها وتمكنها من التداخل والحياة اليومية للفرد بحيث ينقل تصوره واحتفاليته بالحياة من خلال نتاجه الفني، فالرسام يجهد في تسجيل مشاهداته لطبيعة الأرض والبشر، والمصور كذلك يحمل عدسته ويسجل اللحظات التي ما إن نعود لقراءتها حتّى نعود بالزمن إلى حيث حصلت.
من جهة أخرى، يعتبر الفن المسرحي أيضاً من الفنون التي خلدت صور الحياة القديمة، فالدراما تعود لعصر الإغريق وبعض الأعمال التي قدمت في أثنيا ما زالت حية إلى يومنا هذا لم تنعدم وتندثر مع المخطوطات التي فقدت أو أكل عليها الزمان وشرب!
يقول أحد ممثلي المسرح النمساويون في تعبيره عن أهمية الفنّ كمصدر للتاريخ : "في عالمي يأتي التاريخ على شكل الكلمة والفنّ، لا أحد يهتم لأمر المعارك ومن انتصر فيها أو انهزم، إلا إذا كان هناك لوحة أو مسرحية أو قصيدة تتحدّث عنها".