الرياضة

كأس العالم 2034 .. السعودية تحرك القوة الناعمة بالاستثمار الملهم والمثير

كأس العالم 2034 .. السعودية تحرك القوة الناعمة بالاستثمار الملهم والمثير

شكل إعلان السعودية، الأسبوع الماضي، عن الهوية الرسمية الخاصة بملف ترشحها لاستضافة بطولة كأس العالم 2034، مناسبة لإثبات نجاعة التوجهات الاستراتيجية للسعودية، في رحلة التحول الاقتصادي، وفرصة لتفنيد الأقاويل والادعاءات التي شككت في المشروع، في بداياته الأولى. وبلغ الأمر بأصحابها حد استحضار تجربة الدوري الصيني في كرة القدم الفاشلة، من باب المقارنة، قصد الدفاع عن موقفها من اعتماد الرياضة ركيزة من ركائز خطة التنويع الاقتصادي لرؤية 2030.

اتشاح دورة كأس العالم لعام 2034 باللون الأخضر، دليل كاف وواف على براعة العقل السعودي في الأداء والإنجاز، وهذا ما أكده منح السعودية شرف احتضان نهائيات الرياضة الأكبر شعبية في العالم، بعد سنوات قليلة فقط على توجيه البوصلة نحو الاستثمار في الرياضة، التي باتت تشكل أحد روافد الاقتصاد العالمي، فإيرادات صناعة الرياضة عالميا تعدت 800 مليار دولار، ما يعادل 2 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مع توقعات بارتفاع الرقم إلى 1.5 تريليون دولار بحلول 2030.

تحول الرياضة من هواية إلى صناعة صيرها محور اهتمام وتنافس بين دول كبرى تطمح إلى دخول التاريخ، بخوض غمار الاستثمار في قطاع ملهم ومثير، يعد بالشيء الكثير لمن أجاد التخطيط وأتقن الأداء، كأنه بصدد أداء لعبة أو ممارسة رياضة. لم تعد الرياضة سوقا ناشئة بل صناعة عالمية متعاظمة بعوائد مالية ضخمة، تتدفق بشكل مباشر في الدعاية والرعاية والتذاكر وحقوق البث.. وبطريقة غير مباشرة بالتأثير في سلسلة من القطاعات الاقتصادية الأخرى مثل: السياحة والنقل والضيافة والترفيه.

فطنت السعودية إلى هفوات مشاريع الآخرين، فانطلقت الخطة السعودية من حيث انتهى هؤلاء، بتجاوز المنظور التقليدي للرياضة المنحصر في نطاق الملعب والنادي نحو رؤية مندمجة، قوامها شمولية في استهداف كافة المجالات الرياضية، الجماعية (كرة القدم...) والفردية (الجولف، التنس...) والميكانيكية (الفورميلا1...) وحتى الإلكترونية، مع إيلاء كبير عناية بانتشارها، في مختلف مناطق البلاد، ولدى كافة الفئات (الصغار والكبار والرجال والنساء)، لصناعة جيل رياضي متميز.

كل ذلك، قصد تثبيت أسس صناعة رياضية مكتملة الأركان في البلد، بإنفاق حكومي وصل إلى 16 مليار دولار سنويا على القطاع، مع توقعات بجلب استثمارات خاصة، تقدر بنحو 22,4 مليار دولار، بمتم العقد الحالي، دون إدخال الأندية وانتقالات اللاعبين والمنشآت الرياضية.

كما اتسمت الخطة السعودية، خلافا للفورة الصينية مثلا، برعاية رسمية من قيادة البلاد، والتزام قوي من قبل المسؤولين، ما أكسب هذا المشروع الطويل الأمد والواضح المعالم والأهداف، وزنا في الساحة الرياضية العالمية، دفع بالهيئات والمؤسسات الرياضية الدولية إلى الانخراط فيها. وما اختيار الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا السعودية لاحتضان نسخة 2034 من بطولة كأس العالم، سوى عربون يقين وإيمان بأن اسم السعودية لن يقترن بالنفط فقط بل بالرياضة أيضا.

منهجية وعمق عجلا بتحول السعودية إلى وجهة رياضية عالمية، تستقطب الممارسين والمشجعين والمستثمرين، كل وغايته، فالأول يسعى للتفنن والإبداع، والثاني للاستجمام والاستمتاع، والآخر للتربح والاكتساب.

هكذا يكتب السعوديون فصلا جديدا من فصول الصناعة الرياضية، يمنح بلادهم مصدرا آخر من مصادر القوة الناعمة، التي تناكف بها الرياض في مسرح الأحداث العالمي.            

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الرياضة