كيف هي حالة إدارة الموهبة في الشركات السعودية؟

كيف هي حالة إدارة الموهبة في الشركات السعودية؟

ناصر محمد العديلي
رئيس آفاق الإبداع والجودة للتدريب
[email protected]
فاكس 4615653
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أصبح الاهتمام بالمواهب في الإدارة والأعمال ضروريا لتحقيق أداء عال،
وظهرت مصطلحات ومفاهيم جديدة في المواهب الإدارية وإدارتها.
هل يمكن إعطاؤنا فكرة عن المواهب الإدارية وإدارتها وما علاقة إدارة الموهبة في إدارة وتخطيط الموارد البشرية؟
وما مدى تطبيق الشركات والمؤسسات السعودية لهذا المفهوم؟
عوده .م . ع – إخصائي قوى عاملة
شركة مساهمية

التطور الذي شهدته الإدارة والأعمال في السنوات الأخيرة طور مفاهيم ومصطلحات وأفكارا إدارية وتنظيمية جديدة في مجال الموارد البشرية ورأس المال البشري وإدارة وتخطيط الموارد والمواهب الإدارية ، ومن أهم المفاهيم الجديدة مفهوم أو مصطلح إدارة الموهبة أو المواهب في الإدارة Talent Management.
وزاد الاهتمام به أخيرا بصفته مفهوما يركز على مفهوم الاهتمام بالقدرات والمواهب والمهارات الفعالة في الموارد البشرية.
بدأ الاهتمام باختيار وتعيين الموظفين والعاملين والمديرين في منشآت العمل منذ زمن طويل، وقد تطور اسلوب الإختيار والتعيين بتطور الإدارة بشكل عام وإدارة الأفراد أو إدارة الموارد البشرية، والتي تعددت وتنوعت مسمياتها بتنوع وتعدد مهامها واهدافها وأساليبها.
وإذا كان مفهوم الموارد البشرية Human Resources تطور في السنوات الأخيرة ليظهر كحقل معرفي يستفيد ويدعم حقلي الإدارة وإدارة الأعمال والسلوك التنظيمي وعلم النفس وعلم الاجتماع، ويستفيد من تطوراتها، إلا أننا نلاحظ أن إدارة الموهبة كمفهوم جديد بدأ يبرز في السنوات القليلة الأخيرة ، ليس حقلا جديدا في إدارة الأعمال فحسب، لكنه منهجية وأسلوب وتقنية جديدة لتفعيل دور الموهبة /المواهب، والتركيز عليها في العمليات والتغيير التنظيمي، وليس لاختيار القادة والمديرين والموظفين والعاملين ( الموهوبين ) في كافة المجالات، وذلك وتطوير لجودة الموارد البشرية وتركيز العمليات عليها ، وكذلك سعي لتوظيف الفئات الموهوبة منها لتحقيق إنجازات عالية في الإدارة والأعمال.
مفهوم إدارة الموهبة/ المواهب
تعرف إدارة الموهبة /المواهب Talent management بأنها عملية تطوير وتوحيد وتكامل بين التركيز على قدرات ومواهب الموظفين لتحقيق المنافسة،و تطوير العاملين الجدد،والمحافظة على العاملين الحاليين، وجذب العاملين الموهوبين من ذوي الخبرات العالية للعمل في الشركات والمؤسسات.
وقد تم استخدام هذا المصطلح لأول مرة من قبل ديفد واتكنس David Watkins في عام 1998، في مقال نشره في العام نفسه، ورد مصطلح ومفهوم وعملية إدارة الموهبة في التسعينيات واستمر بعد تكييفه، واستخدامه من قبل عديد من الشركات، حيث اكتشفت أن مواهب ومهارات العاملين فيها يجب العناية بها وأنها يجب أن تكون مركز العمليات ،وهي التي تقود الأعمال إلى النجاح وتحقيق الأرباح ،وقد سارعت عديد من الشركات العالمية الطموحة إلى أن تخطط وتطور مواردها البشرية ومواهبها ،كما طورت مفهوم عملياتها وأساليبها في إدارة مواردها ومواهب موظفيها والعاملين فيها.
جوانب إدارة الموهبة/ المواهب
هذا وتتضمن إدارة الموهبة الجوانب التالية:
التركيز على مواهب الموارد البشرية المنافسة كأهم موارد المؤسسة أو الشركة.
جذب وتوظيف المرشحين من الموهلين ذوي المواهب والقدرات التنافسية.
إدارة وتحديد رواتب المنافسين.
فرص التدريب والتطوير المستمرة.
إدارة عمليات الأداء بأساليب حديثة.
برنامج الإبقاء على الموظفين الموهوبين والمحافظة عليهم.
الترقيات والتحول
إن الشركات المتميزة انخرطت في وضع استراتيجيات جديدة في إدارة الموهبة/ المواهب (أو إدارة رأس المال البشري HRIS ودرستها ماليا من حيث كيفية التركيز عليها في عملياتها واختيارها و جذبها وتدريبها وترقيته، والإبقاء عليها كمصادر بشرية منافسة ، وتحريك الموظفين في الشركة كمصادر بشرية مهمة.
كما يعني مصطلح إدارة الموهبة لدى بعض الشركات أيضا كيفية إدارة الأداء من حيث إنها تدفع بأداء الموظفين إلى أعلى مستوى ممكن.

وإدارة الموهبة يعني عدة أشياء لعدة أشخاص، فيعني للبعض إدارة القيمة العالية للافراد ( الموهوبين)، وللبعض الآخر يعني كيف يمكن إدارة الموهبة بشكل عام، أي لجميع الموظفين، وهذا يعني أن جميع الموظفين لديهم مواهب، وعلينا تحديدها و اكتشافها وتحريرها.
ومصطلح إدارة الموهبة عادة ما يرتبط بالمنافسة، المعتمدة عليها تطبيقات إدارة الموارد البشرية HRM. إن قرارات إدارة الموهبة دائما تأتي من قبل مجموعة جوهر المنافسات التنظيمية set of organizational core competencies كما هو الحال من المراكز الأساسية المنافسة. ومجموعة التنافسية يمكن أن تتكون من المعرفة، والمهارات، والخبرات والتجارب، والأنماط الشخصية (وتطبق من خلال ممارسات سلوكيات محددة).
الموهبة هي الميزة التنافسية في الشركات الحديثة
يرى البرفيسور إدوارد لوليرEdward Lalwer أستاذ إدارة الأعمال والسلوك التنظيمي في جامعة جنوب كليفورنيا ، أن الموهبة تعني في عصرنا الحاضر أن يكون الناس هم الميزة التنافسية في الشركة أو المؤسسة.
ويؤكد لولير في كتابه إدارة الموهبة Talent Management وفي محاضراته ولقاءاته أن رؤساء ومديري الشركات عادة ما يقولون "موظفونا هم أكبر أصولنا!" أو "موظفونا هم من يجعلوننا مختلفين!"، ولكنه يريد هذه الشركات أن تبدأ العمل بمنتهى الجدية بدلا من مجرد الحديث.
ويوضح لولير أن عددا هائلا من الشركات المختلفة لا تستمد مزاياها التنافسية من تقديم أقل الأسعار أو أحدث التقنيات أو أفضل المنتجات، ولكنها تستمدها من كونها مرنة ومبتكرة، وهذه المزايا التنافسية منبعها الحقيقي هم الموظفون والعاملون.
ونتيجة لذلك –كمايرى لولير - يجب أن تكرس هذه الشركات نفسها لإدارة هؤلاء الموظفين ومواهبهم.
ومن خلال دراسات لولير المتعددة على قائمة أهم 100 شركة حسب تصنيف مجلة "فورتشن Furtune اتضح له مدى تقليل الشركات من قيمة إدارة المواهب: حيث يشعر 39 في المائة فقط من كبار المسؤولين التنفيذيين أن أقسام الموارد البشرية تشارك في تطوير استراتيجية الشركة، كما أن نسبة حضور رئيس الموارد البشرية لاجتماعات مجلس الإدارة هي 19 في المائة فقط من مجمل الشركات التي تم إجراء الدراسة عليها.
ونتيجة للإجابة على السؤال "ما الداعي للاهتمام؟" قال 23 في المائة فقط من مديري القطاع المالي إن مجالس الإدارة الخاصة بهم اهتمت بموضوعات الموارد البشرية، وأكثر من النصف قالوا إن شركاتهم لم تبذل جهدا في تعقب أسباب ترك الموظفين العمل.
أهمية تسخير مواهب الموارد البشرية
ويعزو لولير السبب الرئيسي في عدم التواصل هذا إلى أن معظم المؤسسات تدار بأسلوب ( بيروقراطي) يتمركز حول الهيكل الإداري، بمعنى أنهم يحاولون استمداد مزاياهم التنافسية من تشغيل كيانهم بفاعلية بدلا من تسخير مواهب الموارد البشرية لديهم.
كما يؤكد أن الشركات التي تعتمد على أداء موظفيها لتحقق النجاح، يجب أن تكون متمركزة حول الموارد البشرية أي تعتمد على مواردها البشرية، ويضيف أنه حتى يتم القيام بذلك بشكل فعال، يجب أن تقوم الشركات بتنظيم نفسها ليكون هدفها الأساسي هو دعم موظفيها.
وفي الجانب الآخر يعزو لولير نجاح بعض الشركات الأمريكية الكبيرة إلى أسلوبها الفعال في الإدارة الجيدة لمواهبها والاستفادة منها ، وليس بسبب تقديمها المنتج الصحيح أو بسبب التمويل الجيد.
ووضح لولير أنه " يجب على الشركات أن تترجم الكفاءات والقدرات التي تخلق المزايا التنافسية إلى محددات ومهارات معينة تتكامل مع عمليات التوظيف وتقييم الأداء التي تقوم بها".
وكيف الحال في شركاتنا ومؤسساتنا العربية؟
إن الحال في معظم شركاتنا يكاد يتشابه مع الشركات البيروقرطية الأخرى في العالم التي لاتعنى بالاهتمام بمواهبها الأارية بشكل فعال، فهناك اهتمام بإدارة الموارد البشرية، أما الاهتمام بإدارة المواهب –كما يبدو لنا - يكاد يكون معدوما او في حده الأدنى لدى بعض الشركات، وحسب علمي لا يوجد مسميات إدارات مواهب إدارية في الكثير من إدارات الموارد البشرية، وربما يكون فيه بعض الاهتمام لدى بعض الشركات أو المؤسسات في التفكير أخيرا في إدارة المواهب، وتوظيف بعض المتخصصين أو الإخصائيين في المواهب في بعض البنوك الخليجية.
إن الحاجة تدعو للاهتمام في إدارة المواهب الإدارية وتخصيص إدارة للمواهب الإدارية أو تكثيف وظائف الإخصائيين للمواهب وتفعيل دورها لتسهم في نجاح الشركات والمؤسسات وتوجيه العمليات إلى إدارة الموارد والمواهب بصفتها أهم المصادر الموجودة في الشركات والمؤسسات وبشكل فعلي.
إن الحاجة تدعو إلى تغيير ثقافة العمل والتوجه نحو إدارة المواهب، والاستفادة من تجارب الشركات العالمية الناجحة في هذا المجال.

ما الفائدة من تطبيق إدارة الموهبة في الموارد البشرية
تهدف استراتيجية وبرامج تطبيق إدارة الموهبة في الموارد البشرية إلى تطوير مفهوم ثقافة التركيز على المواهب كمصدر للتنافس وتزويد هذه الموارد بمساعدة الموظفين لإنجاز أفضل قدراتهم ومواهبهم ،كما تساعد الأعمال للاستجابة للتحديات، والدخول إلى أسواق جديدة، والتحرك إلى الأمام في سبيل المنافسة والتنافس.

إن الشركات التي تملك مواهب وقوة عمل ناجحة تستطيع تطور سمعة عامة لتكون مكانا عظيما وجذابا للعمل، حيث تبني الولاء والثقة بين الموظفين الحاليين.
كما أن المرشحين الموهوبين سيكونون أكثر متعة لأنهم سيعملون في شركات تقدر مواهب موظفيها وتمنحهم فرص لإكمال نجاحهم.
كيف تبدأ إدارة الموهبة؟
هناك عدة طرق لتبدأ إدارة موهبة / مواهب الموظفين أهمها:
أولا : يمكنك الاستعانة بمستشار لمراجعة عمليات أعمالك الداخلية،لتقييم المنطقة الحرجة في منشآتك، وكشف المنطقة الضعيفة التي تحتاج إلى تحسين.
الطريقة الأخرى تستخدم برنامج نظام حاسب لمساعدة منظمتك للمحافظة وإدارة عملياتها،وهناك الكثير من مواقع الإنترنت المستضيفة لهذه المهام التقنية والتي تقدم حلولا تقنية، ويمكنك التوحد والتكامل في برامج خطط الموارد a total ERP (Enterprise Resource Planning) system والمحاسبة وأنظمة أخرى مساعدة لتسهيل عمليات الموارد البشرية بشكل عام أو بشكل متخصص.
بالإضافة إلى دور الدفع المحاسبي وفعالية الموارد البشرية، ويعتبر برنامج نظام إدارة الموارد البشرية HRIS systems عاملا مساعدا للمنظمات وذلك من خلال تزويد إدارة الموهبة فيها بالجوانب التالية:
إضاءات في عمليات التوظيف مثل توصيف متطلبات الترقيات. مثل المعلومات المرتدة من المرشحين، واحتياجات الترقيات المستقبلية.
تطوير والإبقاء على برامج التحفيز التي تجذب وتبقي المواهب العالية.
معايير إحصائية لقياس المواهب الحالية والتحولات الصناعية، وفي الوقت نفسه عمل توقعات للاحتياجات المستقبلية.
التكامل بين نظام علاقات الموظفينERP ونظام الوعي الذاتيself-service systems الذي يساعد الموظفين على البحث في عوائد الشركة مثل التأمين الطبي والمزايا الأخرى .
نموذج دراسة إدارة الموهبة
تقترح البحوث الحديثة دراسة إدارة الموهبة/ المواهب من عدة أبعاد وهي:
(تخطيط قوة العمل، إدارة الأداء، إدارة المنافسة، تطوير القيادة، تخطيط النجاح التعليم والتطوير، التعويضات، أنظمة برامج إدارة الموهبة) ويمثلها الشكل رقم 1

الأكثر قراءة