20 مليار دولار حجم الإنفاق الخليجي على الأعمال الخيرية التنموية

20 مليار دولار حجم الإنفاق الخليجي على الأعمال الخيرية التنموية

أكدت الأميرة البندري بنت عبد الرحمن الفيصل المديرة العامة لمؤسسة الملك خالد الخيرية، أن العمل التنموي الخيري في المملكة العربية السعودية يعيش حاليا مرحلة مهمة في تاريخه، مشيرة إلى أن المؤسسات الخيرية في المملكة تحظى بدعم سخي ولا محدود من ولاة الأمر، ما يجعلها تبذل قصارى الجهد كي تعكس طموحات قيادتنا الرشيدة –حفظها الله-.
وكشفت الأميرة البندري في حوار خصت به "الاقتصادية"، النقاب عن دراسة أجرتها شركة ماكنزي العالمية تبين أن حجم العطاء الخيري في منطقة الخليج يتراوح بين 15 و20 مليار دولار سنويا.
وأضافت أن المملكة بحاجة إلى المزيد من الجمعيات الخيرية، موضحة أنه يوجد حاليا نحو 400 جمعية و"هذا قليل بالنسبة إلى بلد بمساحة وعدد سكان المملكة العربية السعودية، وبالمقارنة نجد أن مثل هذه الجمعيات والمؤسسات الخيرة في بلد مثل لبنان يتجاوز عددها الألف جمعية ومؤسسة".
وذكرت أن عمل الجمعيات الخيرية لا يزال تقليدياً إلى حد بعيد، كاشفة أن هذه الجمعيات -في مجملها- تعاني قلة الكفاءات المدربة والمؤهلة التي يمكن أن ترتقي بالعمل الخيري.
وتطرقت في الحوار الذي جاء بعد إعلان الفائزين بجوائز الملك خالد فرع التنافسية المسؤولة خلال منتدى التنافسية الدولي الثالث الذي عقد في الرياض أخيرا، إلى دور القطاعين الحكومي والخاص بالنسبة إلى منظومة العمل الخيري، قائلة: إنهما لا يزالان يواصلان دعم العمل الخيري سواء ماديا أو تدريبيا أو غير ذلك.
وبيّنت أن مفهوم العمل الخيري لا يتوقف عند منح الهبات فقط، ولكن الرقي بهذا العمل وتغيير نمط عمله يعدان أحد أهم أسباب نجاح المؤسسات الخيرية، مشيرة إلى أن جائزة الملك خالد الخيرية للتنافسية المسؤولة تعد أرفع جائزة تمنح في مجال التنافسية المسؤولة فإلى تفاصيل الحوار:

حوار: عبد الرحمن آل معافا
* بداية سمو الأميرة.. نريد تسليط الضوء على مؤسسة الملك خالد الخيرية من حيث التأسيس والرسالة والقيم والغايات والمناشط والفعاليات.
- أولا .. مرحبا بكم وأشكر حضوركم وتشريفكم، وبالنسبة إلى سؤالكم، فأحب أن أقول إن مؤسسة الملك خالد الخيرية، مؤسسة ملكية وطنية مستقلة تم تأسيسها عام 2001م، لتكون رائدة في العمل الخيري والتنموي في المملكة العربية السعودية، وهي تسعى إلى تحقيق رؤيتها عن طريق توفير التمويل لمشاريع التنمية الاجتماعية والاقتصادية التي تشمل التدريب، وبناء القدرة، والبحث العلمي، وبرامج تنمية السياسات، وعن طريق تقدير ومكافأة المواطنين والمؤسسات الأكثر تطوراً على إسهامهم نحو التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمملكة. ورسالة المؤسسة تتمثل في تسخير جميع الموارد والخبرات من أجل إحداث أثر إيجابي في حياة الناس، عن طريق عقد شراكات لتقديم حلول مبتكرة للتحديات الاجتماعية والاقتصادية في المملكة. و نحن نؤمّن في المؤسسة الإيمان التام بالمسؤولية العملية والعلمية للسير على منهج الملك الصالح خالد بن عبد العزيز في تقوى الله -عز وجل- في القول والعمل، وأن تكون أعمالنا خالصة لوجهه تعالى، وأن نتوخى العدل والمساواة بين الناس.
ولذا فإن رسالة وقيم وأهداف المؤسسة كلها تصب في معين واحد هو خدمة المجتمع السعودي ورفع مستوى المواطنين تنمويا وتدريبيا وذاتيا.

إنجازات ملموسة

* للمؤسسة إنجازات ملموسة يعرفها الكثيرون من المهتمين بالعمل الخيري التنموي، هل لسموكم توضيح جانب من هذه الإنجازات؟

- الحمد لله، المؤسسة منذ تأسيسها تسير بخطى ثابتة نحو الغرض الذي أنشئت من أجله، وقد تم تحقيق العديد من الإنجازات، ومع ذلك نظل غير راضين بشكل كامل عنها ونطمع في المزيد في الفترة الحالية والمقبلة، ومن إنجازات المؤسسة:
* منح جائزة الملك خالد للتنافسية المسؤولة لثلاث من أبرز شركات القطاع الخاص العاملة في المملكة بالتعاون مع الهيئة العامة للاستثمار.
* توقيع اتفاقية تنسيق العمل الخيري في المملكة مع كل من مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية، ومؤسسة الأميرة العنود بنت عبد العزيز بن مساعد آل سعود الخيرية.
* تأسيس جمعية النحالين السعوديين كمشروع ريادي للأسر المنتجة.
* إطلاق الحملة الإنسانية "دفء" بمراحلها المتعددة والهادفة إلى مساعدة المحتاجين في مناطق الشمالية والجوف وتبوك وحائل على مواجهة ظروف الشتاء القاسية.
* إطلاق برنامج "بناء القدرات الوطنية لتنمية المجتمعات المحلية" بالتعاون مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "الإسكوا".
* إنجاز دراسة "نظام الحد من العنف الأسري" التي تبنتها وزارة الشؤون الاجتماعية والتي تسير عبر القنوات الرسمية باتجاه التنفيذ.
* وضع المعايير العلمية لتصنيف الجمعيات الخيرية في المملكة العربية السعودية

الحضور الإعلامي

ـ لكن على الرغم من هذه الإنجازات، لماذا المؤسسة غائبة إعلاميا؟

أولا: المؤسسة كما أسلفت تحمل اسم الملك خالد رحمه الله الذي لا يزال في قلوب الكثير من أبناء هذا الوطن، لأنه الرجل الذي اهتم بتنمية المواطن منذ وقت ليس بالقريب.
ثانيا: نحن لا نحب الظهور في الإعلام فقط من أجل الظهور بل نؤمن بأنه لا بد أن نتكلم عن الإنجازات وليس فقط المخططات والطموحات.
ثالثا: هدفنا هو تحويل العمل الخيري التقليدي إلى استثمار يعود بالفائدة على المنتفعين وفي الوقت نفسه ينمي قدرات المستفيدين إلى طاقات ناجحة في المجتمع.
ونحن نؤمن بأن الهدف من الظهور الإعلامي هو توصيل رسالة المؤسسة بطريقة واضحة للجمهور، لا الظهور لمجرد الظهور.

التنافسية المسؤولة

* نعود إلى جائزة التنافسية المسؤولة، نرجو من سموكم إبراز أهم المعايير التي بنيت عليها الجائزة؟

- جائزة الملك خالد الخيرية تتضمن أربعة فروع هي: جائزة الملك خالد للإنجاز الوطني، وجائزة الملك خالد للمشاريع الاجتماعية، وجائزة الملك خالد للعلوم الاجتماعية، وجائزة الملك خالد للتنافسية المسؤولة، والأخيرة تمنح للشركات وفقا لمعايير مؤشر التنافسية المسؤولة الذي تبنته ومولته مؤسسة الملك خالد الخيرية بالتعاون مع الهيئة العامة للاستثمار كشريك في تقدير شركات القطاع الخاص التي تسهم في التنمية المستدامة من خلال أدائها وتبنيها أفضل الممارسات في دعم تنافسية الاقتصاد الوطني ليحتل موقعه الملائم في منظومة الاقتصاد العالمي وتعزيز موقف المملكة التنافسي.

* هل الجائزة سنوية؟ وماذا عن عدد الشركات المتنافسة؟

-نعم فرع الجائزة للتنافسية المسؤولة ستكون سنوية بإذن الله أما الفروع الثلاثة الأخرى فستكون كل سنتين بسبب طبيعة متطلبات التنافس لنيلها، وستعلن جائزة الملك خالد للتنافسية المسؤولة خلال انعقاد منتدى التنافسية كل عام. وفي هذه الدورة تنافست 40 شركة لنيل الجائزة واستطاعت ثلاث منها حصد الجائزة هي: البنك الأهلي التجاري، ومجموعة الزامل الصناعية، ومجموعة الفنار، أما العام المقبل فالهدف أن تشارك 100 شركة في الدورة الثانية للجائزة وسنسعى إلى الاستمرار في توسيع دائرتها باستمرار.
أما جوائز الفروع الثلاثة الأخرى فستعلن في حفل خاص تقيمه المؤسسة لهذا الغرض كل سنتين . وستمنح الجائزة في هذه الفروع في منتصف العام و سيعلن قريبا فتح باب الترشح لهذه الفروع .

مشاركة 40 شركة

* ألا ترى سموكم بأن مشاركة 40 شركة تعد قليلة للتنافس على جائزة في باكورة نشاطها؟

- أولا الجائزة تحمل اسما خالدا في ذاكرة كل سعودي و سعودية وهو اسم الملك خالد بن عبد العزيز رحمه الله، هذا الملك الذي كان مهموما ومشغولا بدعم التنمية ورفع مستوى معيشة كل مواطن،
- ثانيا من خلال المناقشة مع شركائنا "الهيئة العامة للاستثمار وشركة تمكين و Accountability " تقرر تحديد هدف هو مشاركة ما لا يقل عن 40 شركة للسنة الأولى وهو عدد نعتقد أنه جيد. وكما أسلفت سنوسع دائرة مشاركة الشركات في العام المقبل لتصل إلى 100 شركة. فالهدف هو تحقيق المعايير بشكل دقيق إلى حد أدنى من الشركات المطبقة لمعايير التنافسية المسؤولة والتي تم الاتفاق مع الشركاء على أن يكون هذا الحد الأدنى 40 شركة في الدورة الأولى للجائزة

شركات من خارج المملكة

*هل يحق أو هل سنرى شركات من خارج المملكة ستشارك في الجائزة؟

- هدفنا العمل داخل المملكة وتقديم خدمات تنموية محلية، لذا فقد ارتأينا ألا نستقبل الشركات من خارج السعودية. والجائزة تخدم المجتمع السعودي ولكن يمكن أن تشارك الشركات العالمية التي لها فروع داخل المملكة.

منهجية المؤشر وآلية التقييم

*هل يحق للشركات التي فازت في الدورة الأولى المشاركة في الدورة الثانية؟

-الشفافية أحد المعايير التي ترتكز عليها الجائزة، ومن حق الشركات التي فازت في الدورة الأولى التقدم والمنافسة لنيلها مرة أخرى. وهنا دعني أستطرد قليلا وأوضح أن لجنة الجائزة للتنافسية المسؤولة ليست معنية باختيار الفائزين فقط بل بالتأكد من منهجية المؤشر وآلية التقييم وذلك للحفاظ على المصداقية.

*برأيكم كيف يتم تحويل العمل الخير التطوعي إلى تنموي؟

-أعتقد أن المهم هو نشر ثقافة التنمية بين فاعلي الخير والمستفيدين والعاملين في القطاع الخيري، ويلي ذلك تدريب الكوادر العاملة في الجمعيات على العمل التنموي، فهذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها الارتقاء بالعمل الخيري إلى عمل مؤسسي، مقنن ومؤثر في المجتمع بطريقة إيجابية.

الرساميل الخيرية

* كم تتوقعين أن يصل حجم الرساميل الخيرية في المملكة؟

- المملكة العربية السعودية و لله الحمد بلد خير وعطاء وتعتبر على رأس قائمة دول العطاء الخيري عالميا. ولذا فإن الرساميل الخيرية في تنام وارتفاع، وهناك دراسة أجرتها شركة ماكنزي العالمية ورد فيها أن حجم العطاء الخيري في منطقة الخليج يتراوح بين 15 و20 مليار دولار سنويا. وبرأيي لو قنن الصرف في تلك الأموال، فإن ما في المنطقة من فقر سيتحول إلى برامج تحسين دخل و مستوى معيشة وليس محاربة للفقر. ويمكن أن تصنع برامج خيرية تعود بالفائدة والخير على المستفيدين في المؤسسات.

*هل المملكة بحاجة إلى مؤسسات خيرية؟
- نعم نحن بحاجة إلى إشهار العديد من الجمعيات الخيرية والمتخصصة، ولو نظرنا مثلاً إلى لبنان بحجمه لوجدنا أن فيه أكثر من ألف مؤسسة وجمعية. وهنا نحن لا نملك سوى 400 مؤسسة خيرية, ولذا فنحن في حاجة إلى العديد من الجمعيات التي يمكن أن تساعد الأفراد وتنهض بالمجتمع وتدخل في مجالات متخصصة المجتمع في أمس الحاجة إليها. ومما يثلج الصدر حقيقة و بحكم معرفتي واحتكاكي من رائدات العمل الخيري النسائي في المملكة وعلى رأسهن الأميرات صيتة بنت عبد العزيز وسارة الفيصل و موضي بنت خالد وعادلة بنت عبد الله وغيرهن كثيرات من سيدات هذا الوطن, وجدت أن مؤسسات العمل الخيري في نمو مطرد وأن خط النمو التصاعدي هذا يتم وفق مسارات التخصص التي تبنى على الدراسات العلمية وأن معظم هذه المؤسسات تدار بأيد سعودية وأخيراً أصبح التنسيق في الأعمال الخيرية حقيقة على أرض الواقع بين ثلاث من أبرز المؤسسات الخيرية في المملكة.

تعاون خيري

*هل لديكم اتفاقيات تعاون مع جمعيات أو مؤسسات خيرية؟

- كما أشرت سلفا إلى أن التنسيق بين المؤسسات الخيرية أصبح حقيقة على أرض الواقع وما قصدته هو اتفاقية التنسيق بين مؤسسة الملك خالد الخيرية ومؤسسة الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية ومؤسسة الأميرة العنود بنت عبد العزيز بن مساعد آل سعود الخيرية، حيث وقعنا اتفاقية على إنشاء لجنة تنسيقية بين المؤسسات ونسعى إلى أن تنضم إلينا مؤسسات أخرى قريباً. كما نقوم بالتنسيق مع الجمعيات لعقد دورات لتدريب الكوادر البشرية لتكون مؤهلة للعمل الخيري التنموي، بحيث لا يتوقف عمله هذه المؤسسات عند توزيع الصدقات فحسب. ولقد شرفني الزملاء في هذه المؤسسات بأن أرأس هذا المجلس التنسيقي عند انطلاقته في مطلع هذا العام، فأرجو من الله العلي القدير العون والتوفيق ومن زملائي في العمل الخيري الوطني أن لا يبخلوا علينا بالأفكار والرؤى التي تعزز مكانة العمل الخيري في المملكة العربية السعودية وإيصال خدماته للمحتاجين فعليا.