Author

أرقام هدر فادحة

|

لا يزال هدر الغذاء في العالم مخيفا، مخيف أولا لأنه يبرز وضعا معقدا على المستوى الإنساني، فاستهلاك الكوكب يتم في جزء منه في سبيل مزيد من إنتاج الغذاء، لكن نصف هذا الغذاء يتم هدره، ونسبة ليست قليلة من سكان الكوكب لا يجدون ما يسد رمقهم.
تقرير مؤشر نفايات الأغذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة يقول إن نفايات الطعام تصل إلى 1.3 مليار طن سنويا في جميع أنحاء العالم، وإن نسبة الهدر الغذائي بلغت ما يعادل 51 في المائة من مجموع النفايات.
بالطبع التقرير يتحدث عن المتوسط أو المعدل، لأننا نعرف أن هناك من يبحث عن الطعام في حاويات النفايات في كثير من بلدان العالم، وهذه من المفارقات الإنسانية العجيبة التي تدعو للتأمل وإلى الاتعاظ، ومن قبل ذلك ومن بعد إلى حمد المولى -عز وجل- على نعمه وآلائه التي يجب المحافظة عليها.
نحن لسنا بعيدين عن هذا الواقع، واقع الهدر، فقد أعلنت وزارة البيئة والمياه والزراعة أكثر من مرة أن تكلفة نفايات الطعام تبلغ 40 مليارا سنويا، وهو رقم فادح ومؤلم يجب أن أعرف وتعرف ويعرف الجميع أن حصتك فيه في المتوسط هي 184 كيلوجراما من نفايات الطعام سنويا.
من الأشياء التي يغفل عنها الناس في كل مكان أن هدر الطعام لا يختص بالطعام وحده، إنه يفقدك جزءا من الرفاهية المتوازنة، فهذا الطعام المهدر يعني ضياع كثير من الموارد التي استخدمت في إنتاج هذا الغذاء، المياه والتربة والطاقة والمال وجهد المزارعين، وإعانات الحكومات إن وجدت.
ربما يكون الأهم للفرد العادي أن يعي أن هدر الطعام يفقده شخصيا كثيرا من الموارد، أولها المال بالطبع، والجهد في التبضع والإعداد، ثم الجهد في التخلص من النفايات، إضافة إلى الطاقة والمياه، ولعلي أضيف عليها الفاقد الروحي، فكل إنسان سوي ومنصف لا بد أن يشعر بالألم وهو يرمي الطعام ضمن النفايات، لا بد أن يؤنبه ضميره، وهذا الموضوع يحتاج إلى مقال خاص.
تذكر أن هدرك للطعام هو المرحلة الأخيرة والقاصمة في سلسلة الهدر، فهناك هدر يحدث أثناء الزراعة، والنقل، والتخزين، وتناقل المنتجات بين التجار، وأن تركيزك على هذا الأمر في حياتك اليومية قد يؤثر في بقية المراحل.
في محكم التنزيل: "وأما بنعمة ربك فحدث"، ومن نعم الله على الإنسان العقل، فمن العقل أن تحفظ النعم وتشكر حتى تتحقق الزيادة الموعودة من رب العالمين في بقية مناحي حياتك.

إنشرها