حجارة الجوع

لم يرد أسلافنا أن يتركونا دون أن يرشدونا إلى الأخطار التي قد تحيط بنا نحن بني البشر، وكأننا نقف صفا ضد ما قد تسببه لنا التغيرات البيئية، لذا أبوا إلا أن يرسلوا لنا رسائل ليست ككل الرسائل لم تكتب على الورق، بل حفرت في الصخر!
فقبل نحو 600 عام وصلتنا أول رسالة من العصور السابقة وتحديدا في 1616 منقوشة باللغة الألمانية، عثر عليها في حوض نهر"إلبه" بعد أن تسبب انخفاض هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة في انحسار الماء عن الصخور، وانكشاف رسائل التحذير الشديدة من أسلافنا مما قد يحل بالبشر من صعوبات وبؤس نتيجة الجفاف، لقد نقش على الحجر عبارة "إذا رأيتموني، فابكوا"!
أطلق على هذه الحجارة "حجر الجوع" لأن انحسار المياه لمستويات منخفضة يعد في الماضي نذير فقر ومعاناة نتيجة تدمير الجفاف المحاصيل، وقطع الممرات المائية التي تنقل من خلالها المواد الغذائية والإمدادات من جميع الأنواع لتأتي بعدها المجاعة. فأوروبا الوسطى، التي تضم أجزاء من النمسا والتشيك وألمانيا والمجر وبولندا وسويسرا، تعتمد على الأراضي الخصبة على طول ضفاف النهر لإنتاج الغذاء.
يعد الحجر السابق أشهر حجر نظرا إلى أنه يحتوي أيضا على تواريخ الجفاف الشديد التي حدثت والمتوقع حدوثها.
وفقا لدراسة أجراها فريق من علماء الآثار التشيكيين في 2013، يمكن قراءة الأعوام 1417 و1616 و1707 و1746 و1790 و1800 و1811 و1830 و1842 و1868 و1892 و1893 على الحجر. هناك نقش على إحدى الصخور الأخرى في النهر يقول: "ستزدهر الحياة مرة أخرى بمجرد اختفاء هذا الحجر". وآخر يقول "الشخص الذي رآني ذات مرة، بكى. ومن يراني الآن سيبكي". وثالث: "إذا رأيت هذا الحجر مرة أخرى، فستبكي. هكذا كانت المياه ضحلة في 1417".
أكثر دولة ظهرت فيها هذه الحجارة التشيك حيث ظهر ما يصل إلى 12 من هذه الأحجار على مجرى نهر" إلبه"، لتذكير السكان المحليين بالفترات العصيبة في السابق وتحذيرهم مما سيأتي.
شهدت الأنهار الرئيسة في ألمانيا وإنجلترا وإيطاليا انخفاضا في مستوى مياهها، على الرغم من ذلك، لم تكشف المياه المنخفضة في مدينة مانتوفا الإيطالية عن "حجر جوع". لكنها كشفت عما هو أخطر في مجرى نهر "بو"، لقد كان قنبلة غير منفجرة من الحرب العالمية الثانية وزنها 450 كيلوجراما!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي