فائزون وخاسرون في سباق التسلح بالذكاء الاصطناعي «2 من 2»

إذا تمت مقارنة وضع الخوف من الخصوصية هذا مع أوروبا. ففي وقت سابق من هذا العام، حظرت إيطاليا مؤقتا روبوت المحادثة ChatGPT بهدف تدريب النموذج على ملاحظات المستخدمين وكشف معلوماتهم للآخرين. في وقت لاحق، اقترحت المفوضية الأوروبية مجموعة من القواعد والضوابط التنظيمية التي تحكم استخدام الذكاء الاصطناعي.
تسعى المفوضية إلى فرض شروط مسبقة صارمة على استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم، والرعاية الصحية، وإدارة شؤون الموظفين. بوسع المرء أن يتخيل أن مثل هذه القيود من شأنها أن تبطئ عملية تطوير وتبني هذه التكنولوجيا في أوروبا، مقارنة بموقف الغرب المتوحش في الولايات المتحدة والنهج الأقل مراعاة للخصوصية والأمن الشخصي في الصين.
من ناحية أخرى، قد يساعد التحديد الواضح لما هو مسموح به، وتحت أي ظروف وبأي شروط، على تمكين المطورين الأوروبيين من تنسيق جهودهم. ولأنهم سيتقدمون بموجب مجموعة موحدة من القواعد، فسيكون تقدمهم في الأرجح أكثر توافقا، ويجب أن يكونوا قادرين على البناء على جهود بعضهم بعضا.
لنتذكر هنا كيف تقدم تبني الهواتف الخلوية بسرعة أكبر في أوروبا مقارنة بالولايات المتحدة. فقد أصبحت شركة نوكيا رائدة السوق جزئيا لأن أوروبا طورت معيارا مشتركا للجيل الثاني من الاتصالات للشبكات الخلوية، في حين تبنت الولايات المتحدة مجموعة متنافرة محيرة من المعايير غير المتوافقة.
قد تبدو الدول النامية في وضع غير موات بدرجة كبيرة في سباق التسلح بالذكاء الاصطناعي ومعرضة لخطر خسارة ميزتها التنافسية، العمالة الوفيرة منخفضة التكلفة. بيد أن الذكاء الاصطناعي يحمل أيضا الوعد بفوائد تعود على هذه الدول. تستخدم شركات مثل Apollo Agriculture التعلم الآلي الزراعي وصور الأقمار الاصطناعية لتوفير المشورة المخصصة لمزارعي الحيازات الصغيرة في كينيا. من الممكن أن يستخدم الذكاء الاصطناعي أيضا لتقليل المعوقات التكنولوجية والمالية التي تمنع التنمية الاقتصادية. على سبيل المثال، سيساعد استخدام الذكاء الاصطناعي لقياس مخاطر الائتمان في غياب فروع البنوك وموظفي القروض على تمكين تشغيل منصات الإقراض من نظير إلى نظير وتخفيف القيود المالية المفروضة على رواد الأعمال الناشئين.
لكن التنمية الاقتصادية تعتمد على التنمية البشرية قبل أي شيء آخر ـ أي على تراكم رأس المال البشري. حيثما تفتقر الدول النامية إلى الموارد، المالية وغيرها، لزيادة إنفاقها بشكل كبير على أنماط التعليم التقليدية، يحمل الذكاء الاصطناعي الأمل في توفير ما هو مفقود. فمن الممكن استخدامه لتصميم مساعدي التعلم المصممين للاستخدام الفردي والقادرين على توفير التعليم المخصص فرديا للطلاب في البيئات التي تعاني نقص المعلمين. وعندما يتعلق الأمر بالتنمية الاقتصادية، فإن القليل من المعرفة الإضافية بالقراءة والكتابة والحساب من الممكن أن يقطع شوطا طويلا.
طوال عصور التاريخ، كان التغيير التكنولوجي يصنع فائزين وخاسرين. ولا يوجد من الأسباب ما قد يمنع الذكاء الاصطناعي، مثله كمثل التكنولوجيات السابقة، من إنتاج عدد من الفائزين أكبر من الخاسرين.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي