كيف ننهض بصادراتنا الوطنية؟

بعد نحو شهرين من إطلاق برنامج "صنع في السعودية" تقدمت 850 شركة محلية للانضمام إلى هذا البرنامج الذي يهدف إلى دعم المنتجات والخدمات الوطنية، لتصبح المحرك الأساس في تنويع مصادر الدخل. ولأنه سيعزز مكانة المنتج السعودي في الأسواق المحلية والعالمية، وفق أعلى معايير الموثوقية والتميز، فمن المتوقع أن يحقق هذا البرنامج أحد أهم أهداف رؤيتنا الرامية لرفع نسبة الصادرات غير النفطية في إجمالي الناتج المحلي غير النفطي إلى 50 في المائة، والمساعدة على إيجاد ما يقارب 1.3 مليون فرصة عمل في قطاع الصناعة والتعدين بحلول 2030.
في نهاية الشهر الماضي أعلنت هيئة تنمية الصادرات السعودية على موقعها الإلكتروني، أن إجمالي قيمة الصادرات السعودية ارتفعت بنسبة 2 في المائة في الربع الأول من العام الجاري 2021 عن مثيله عام 2020. وصاحب هذا الارتفاع المتواضع استقرار نسبة الصادرات غير النفطية من إجمالي الصادرات عند 24 في المائة في كلا الربعين، ما يدعونا إلى ضرورة الإسراع في تطبيق الخطوات التالية للنهوض بصادراتنا غير النفطية وتحقيق أهداف رؤيتنا الطموحة:
أولا: إنشاء مركز الاستفسار على الموقع الإلكتروني للهيئة، ليكون الأداة الرسمية اللازمة لتوعية المصدرين في المملكة عن أنظمة الدول المستهدفة بصادراتنا ومدى التزامها باتفاقيات المنظمات الدولية، خاصة منظمة التجارة العالمية، لمعرفة مستويات سقوف رسومها الجمركية، وشروط نفاذ صادراتنا في أسواقها بما لا يتعارض مع اتفاقية العوائق الفنية أمام التجارة، ومتطلبات لوائح التثمين الجمركي والتدابير الصحية، وتراخيص الاستيراد ونسبة الحصص الكمية المطبقة على صادراتنا، وشروط فحص منتجاتنا قبل تصديرها للحصول على شهادات المطابقة للمواصفات القياسية المعتمدة في الدول المستهدفة، وغيرها من القواعد والأحكام التي تنتهجها هذه الدول أمام صادراتنا.
ثانيا: تشجيع المستثمرين في المملكة لتصدير أو إعادة تصدير نسبة لا تقل عن 30 في المائة سنويا من السلع التي يقومون بإنتاجها محليا، وذلك من خلال توفير الدعم الأخضر المسموح به دوليا، مثل مساعدتهم دون مقابل على دراسة مشاريعهم ومنحهم تراخيص الاستثمار في المناطق القريبة من الموانئ بأسعار منخفضة. وستشجع هذه الخطوة المستثمرين على اختيار تصنيع وإنتاج السلع القابلة للتصدير إقليميا ودوليا، خاصة أن المملكة أنشأت أخيرا بنك تمويل الصادرات لتقديم خدمات التمويل المباشر وغير المباشر، وضمان ائتمان الصادرات السعودية. كما ستؤدي هذه الخطوة إلى تعزيز تصدير المنتجات غير النفطية، والمحافظة على ميزان تجاري موجب، يدعم الصادرات الوطنية ويمنحها ميزة تنافسية تؤهلها للوصول إلى الأسواق العالمية.
ثالثا: مطالبة الصندوق السعودي للتنمية باستبدال المنح المالية التنموية المقدمة للدول بالمنتجات والخدمات الوطنية، خاصة أن إجمالي التمويل الذي منحه هذا الصندوق فاق 61 مليار ريال واستفادت منه 83 دولة من خلال اتفاقيات قروض بلغت 688 قرضا.
رابعا: إلزام الملحقين التجاريين السعوديين الموجودين في الدول المستهدفة بصادراتنا لحضور دورات تدريبية مكثفة في المملكة للتعرف على صادراتنا الوطنية ومدى تمتعها بالمواصفات القياسية والأسعار التنافسية، ما يهيئها لدخول الأسواق المستهدفة ليقوم هؤلاء الملحقون بإقناع الدول لفتح أسواقها أمام صادراتنا المميزة.
خامسا: استبدال مناطق الإيداع المتوافرة في منافذ المملكة البحرية والجوية والبرية في مناطق خاضعة لأحكام التجارة الحرة الجاذبة للاستثمارات الوطنية والأجنبية، لكونها مناطق معفاة من الضرائب والرسوم، ما يسهم في تيسير تصدير منتجاتنا الوطنية، أو إعادة تصدير المنتجات الأخرى بعد إضافة مراحل نهائية لتصنيعها وإنتاجها.
هذه الخطوات استفاد منها عديد من الدول الإقليمية والعالمية للنهوض بصادراتها في مختلف أرجاء المعمورة وتحقيق العوائد الصافية لاقتصاداتها. ولعل انضمام المملكة لاتفاقية تيسير التجارة في منظمة التجارة العالمية عام 2016، سيشجع هيئة الصادرات على تعظيم مكاسبها، خاصة أن هذه الاتفاقية لديها القدرة على الحد من تكاليف صادرات التجارة العالمية بنسبة تصل إلى 15 في المائة.

المزيد من مقالات الرأي