توطين الوظائف القيادية

تقع قرارات التغيير الأهم على عاتق القيادات. هذه القيادات هي التي تصنع المستقبل وتستفز الفكر والمجهود اللذين يطلقان العطاء ويبرزان القدرات والمهارات. هنا لنا وقفات كثيرة في مجال البحث عن القادة وتمكينهم وبناء مستقبل الدولة على ما يملكون من مهارات، وما يستطيعون أن يخرجوه من مكامن الموارد بمختلف أنواعها.
لعل الموارد البشرية هي الأهم في كل دول العالم، واستفزاز قدراتها وإخراج مهاراتها أمر برسم القيادات التي تقف على رأس الهرم في الدولة بقطاعاتها الخاصة والعامة والخيرية. علينا أن نؤكد في الأساس أنه لا يمكن أن نبحث قضية مثل قضية تطوير وتمكين الموارد البشرية دون أن نربط ذلك بقضية أهم وهي، الخروج من تداخل المصالح. هذه الإشكالية البشرية هي ما يسيطر بشكل مستمر على فكر الإنسان طول حياته.
عندما يشعر الواحد منا بخطر يداهمه أو يؤثر في مستقبله، فهو سيعمل دون شك على التخلص من هذا الخطر. تظهر حالات شاذة، لكن العام والأغلب هو الأنانية البشرية التي تميز الإنسان حيث كان. تؤثر هذه الإشكالية في دول العالم الثالث أكثر من غيرها لأسباب اجتماعية ونفسية وبيئية وتنظيمية وهي - بهذا - تشكل العائق الأهم أمام مشاريع توطين الوظائف بمختلف مستوياتها وأنواعها.
يأتي توجه مجلس الشورى الذي يطالب بتوطين الوظائف القيادية ليكون واحدا من أهم القرارات التي نحتاج إليها ونحن نشاهد الأعداد الكبيرة من الحاصلين على الشهادات العلمية العالية وأصحاب الخبرات في مجتمعنا السعودي. هذا التغيير الأهم في بنية الموارد البشرية يتطلب من المشرع أن يفتح صفحات جديدة يمارس من خلالها مشروعه الأهم في تطوير الكفاءة الوطنية وتمكين أبناء الوطن من إدارة، والحفاظ على استدامة التنمية في كل المجالات.
لهذا أدعو كل من له علاقة بتطوير الدولة إلى دعم هذا التوجه وإيجاد العناصر العلمية التي تسهم في نجاحه لتحقق أهداف مهمة وأساسية لاقتصادنا ومستقبل بلادنا. المهم أن يحتوي الدعم على عنصري الكفاءة والوطنية، وما دام ابن الوطن حاصلا على متطلبات الوظيفة وقادرا على قيادة العمل فحقه المشروع في أن يكون أولى بوظائف وطنه القيادية واضح لا لبس فيه، بعد أن شاهدنا المعاناة التي عاشها السوق في ظل قيادات أجنبية لم يكن همها سوى الحفاظ على مواقعها ومحاربة كل من يهدد بقاءها فيها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي