«مجلس التعاون» .. وروح الأخوة

تشرفت بتلقي دعوة من خادم الحرمين الشريفين لحضور الجلسة الافتتاحية لمؤتمر مجلس التعاون الخليجي، حين دخلت قاعة المؤتمر في قصر الدرعية في الرياض، انتابني ذلك الشعور الإنساني الجميل الذي تشعر به حين تزور بيت العائلة، تلك الوجوه التي كانت تتوافد إلى القاعة للتحضير والتجهيز قبل حضور أمراء وملوك الدول الخليجية لو رأيتها عزيزي القارئ لشعرت أنها قريبة منك وتنتمي إليك، حتى إنك من شدة اندماجك في ذلك الإحساس الغامر ربما راودك سلوك اندفاعي أن تنهض من مكانك لتسلم عليهم، كنت أتساءل في داخلي هل يدرك كل الخليجيين كم هم متقاربون إلى هذا الحد؟!
تلك الهوية المميزة للخليجيين لا تجعلك تشعر بالفخر فحسب بل تدفعك للانبهار، قبل نحو مائة عام كان الخليج بيئة صحراوية تفتقد إلى الحد الأدنى من الرفاهية، وفي حين كان العالم في حراك مستمر نحو التقدم والحضارة والعلم والمدنية والحياة المرفهة، كان المجتمع الخليجي يعيش الفقر والأمراض والعوز والحاجة والتأخر وما يرويه أجدادنا عن حكايات الفقر المدقع والجوع وسنة الرحمة وسنة الطبعة وسنة الطاعون والسفر للهند وغيرها من أجل لقمة العيش، يجعلنا ندرك قسوة تلك الأيام وكم عانى أجدادنا الأولون من شظف العيش وندرة الحضارة، كل ذلك وغيره يدفعني للتساؤل هل يدرك الخليجيون كم يجب عليهم أن يفخروا بأنفسهم؟
تحقيق كل تلك المنجزات العلمية والحضارية والثقافية والرياضية والتجارية والفنية والتعليمية والأدبية وغيرها تم في وقت قياسي جدا قياسا بالوقت الذي استغرقته تلك الدول المتقدمة لبناء نفسها.
حين دخل خادم الحرمين الشريفين وولي عهده لقاعة المؤتمرات ومعهم ضيوفهم الكرام من أمراء وملوك ورؤساء الدول الخليجية وبدأ ملكنا الغالي في إلقاء خطابه.. اجتاحت نفسي تلك المشاعر الدافئة التي تسكن قلب الابنة، حين ترى أبيها وأعمامها في مجلس واحد شعور فريد ممزوج بالانتماء والفخر والكرامة وتذكرت بيتا شعريا للشاعر راكان بن حثلين يقول فيه:
هذا ولد عم وهذا ولد خال
وهذا رفيق ما لقينا مثيله
عادات وتقاليد وإرث ثقافي مشترك وروابط دم ونسب وجيرة وتاريخ عظيم تتفق حوادثه وشخوصه في الحرص على هذا الكيان الكبير، كل بلد خليجي تسافر إليه سيغمرك شعور صادق أنه بلدك وإنك بين أهلك وإخوانك وعشيرتك ولن يراودك إحساس الغربة فروح العائلة الواحدة سيظل يغمرك من لحظة وصولك إلى تلك اللحظة التي تغادر فيها.
وفعلا.. "خليجنا واحد"

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي