التكنولوجيا زادت من انعدام المساواة الاقتصادية

المصممون الأكثر موهبة، يعلمون أنفسهم المهارات الجديدة وينشئون لأنفسهم سمعة تساعد على إعلام أرباب العمل المحتملين. ويطلب أعلى 10 في المائة من المصممين رواتب بمئات الألوف من الدولارات الأمريكية، أو يحصلون على معدلات أجور في الساعة عالية مقابل التصميم بالقطعة. في الوقت نفسه، لم تتغير أجور المصمم الوسيط إلا قليلا؛ ولا يزال على أي حال مصمم الوسائل المطبوعة. وسيدفع أرباب العمل أجورا مرتفعة للمصممين أصحاب المهارات المناسبة والسمعة الجيدة، لكن إلى أن تقوم مؤسسات التدريب وأسواق العمل بمواكبة التغيرات الحاصلة، سيظل المعروض من هؤلاء المصممين محدودا. وقد ظلت أجور المصمم الوسيط راكدة لمدة 30 عاما تحديدا، لأن هذه المؤسسات لم تواكب التكنولوجيا المتغيرة باستمرار.
ونتيجة ذلك، نشأت حالة متزايدة من انعدام المساواة الاقتصادية داخل هذه المهنة؛ حيث زاد الفرق بين أجور أعلی 10 في المائة من المصممين وأجور المصمم الوسيط بصورة حادة، ويرى هذا النمط في مهن أخرى أثرت فيها أجهزة الكمبيوتر.
ويبين تقرير إحصائي ثلاثة أدلة على تزايد الطلب على عمال مختارين في المهن كثيفة الاستخدام لأجهزة الكمبيوتر، ويظهر نمو الأجور للمئين الـ90 مقارنة بالعامل الوسيط داخل كل مجموعة مهنية. فبالنسبة إلى المهن المكتبية ومهن الرعاية الصحية، زادت الأجور بوتيرة أسرع بكثير بالنسبة إلى أعلى 10 في المائة من العاملين، بما يعني ضمنا أن هؤلاء العاملين لديهم مهارات قيمة لا يملكها العامل المتوسط. وبقدر ما تكون هذه المهارات القيمة مكتسبة من خلال الخبرة والتعليم، زادت أيضا الأجور بوتيرة أسرع للعاملين أصحاب الخبرة مقارنة بالمعينين حديثا وللعاملين من أصحاب الدرجات الجامعية مقارنة بالعاملين الحاصلين على تعليم ثانوي في المهن كثيفة الاستخدام لأجهزة الكمبيوتر.
وتوضح هذه البيانات أن أرباب العمل يدفعون أجورا أعلى، لكن فقط للعاملين الذين تعلموا مهارات معينة في المهن المتصلة بأجهزة الكمبيوتر. ويقوم عدد كبير من هؤلاء العاملين بتعليم أنفسهم والتعلم من خلال خبرتهم في الوظيفة التي يشغلونها، إلا أن العامل المتوسط يجد صعوبة بالغة تحول دون اكتسابه المعارف الضرورية المتصلة بالتكنولوجيات الجديدة.
تفرض تكنولوجيات المعلومات الجديدة - بالتأكيد - مشكلة للاقتصاد، لكن حتى الآن، لا تتمثل تلك المشكلة في بطالة أعداد غفيرة من الأشخاص بسبب التكنولوجيا، بل هي مشكلة تتعلق بركود أجور العاملين العاديين ونقص المهارات بالنسبة إلى أرباب العمل، فالعاملون تجري إزاحتهم إلى وظائف تتطلب مهارات جديدة ولا يجري إحلالهم بالكلية. مع ذلك، فالمشكلة الحقيقية إلى حد كبير هي أن التكنولوجيا زادت من انعدام المساواة الاقتصادية، لكن يمكن تخفيف حدة مشكلة المهارات إلى حد ما باعتماد الإجراءات السليمة على مستوى السياسات من جانب الشركات والاتحادات التجارية والحكومات.
على سبيل المثال، تدير رابطة مناولة المواد الأمريكية المعروفة باسم MHI برنامجا لتشجيع برامج التدريب المتخصصة في الكليات التي تبلغ عدد أعوام الدراسة فيها أربعة أعوام وكليات المجتمع المدني حتى في المدارس الثانوية. واشتركت الاتحادات الصناعية في إعداد "خريطة طريق" تكنولوجية تدعو إلى بذل جهود للاحتفاظ بالعاملين من المهن الأخرى وجذب آخرين متنوعين ديموغرافيا إلى الميدان.
وتقر خريطة الطريق أن بعض المهارات الأساسية لا تعلم في المدارس، إنما بالخبرة. ولتعزيز المسارات المهنية للعاملين الذين يتعلمون أثناء العمل، هناك مقترح بإنشاء مركز وطني لإصدار شهادات بامتلاك تلك المهارات. وتقترح خريطة الطريق أيضا زيادة التعاون وتبادل المعلومات بين الشركات، حيث يمكن توحيد التكنولوجيا والمهارات.
قد تكون ثورة تكنولوجيا المعلومات تمضي بوتيرة متسارعة، ومن المتوقع أن تزود برمجيات الذكاء الاصطناعي أجهزة الكمبيوتر بقدرات جديدة هائلة على مدى الأعوام المقبلة، الأمر الذي قد تفقد فيه وظائف في مئات المهن، إلا أن ذلك التقدم ليس سببا لليأس بشأن "نهاية العمل"، بل إنه سبب أكبر للتركيز على السياسات التي ستساعد أعدادا كبيرة من العاملين على اكتساب المعارف والمهارات اللازمة للعمل في هذه التكنولوجيا الجديدة.

المزيد من الرأي