مسيرة السلام والاقتصاد والتنمية من قبة «الشورى»

في الوقت نفسه من كل عام، يترقب الوطن خطاب الملك في مجلس الشورى، وهي سنة ملكية منذ أسس مجلس الشورى قبل نحو قرن من الزمان على يد المؤسس الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، وفي هذا اليوم نتذكر الخطاب الملكي التاريخي الذي ألقاه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد - رحمه الله - عام 1414هـ، الذي جاء بعد تشكيل المجلس وفقا لصيغة العمل الحالية وقال حينها إن "العقيدة الإسلامية من أفضل الأنظمة التي وجدت قاطبة لا من الناحية الاقتصادية ولا من الناحية الاجتماعية ولا من الناحية العلمية، ولا من الناحية التي سيجدها الإنسان في حياته ما دام أنه يستطيع أن يعمل. وسيجدها إذا واجه رب العزة والجلال".
وفي عام 1427هـ ألقى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله خطابه الأول جاء فيه "إن الإسلام يدعو إلى توفير الحياة الطيبة لأبنائه وسبيلنا إلى تحقيق ذلك هو التنمية الشاملة التي سنسعى – بإذن الله – إلى استكمالها، متلمسين خير المواطن وسعادته، آملين أن نحقق له أسباب السكن والعمل والتعليم والعلاج وبقية الخدمات والمرافق، وسنحرص على مكافحة الفقر، والاهتمام بالمناطق التي لم تحصل على نصيبها من التطور وفقا لخطط التنمية المدروسة".
وعندما تولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان زمام الحكم والأمور ألقى خطابه السنوي في افتتاح أعمال السنة الرابعة من الدورة السادسة لمجلس الشورى لعام 1437هـ وقال إنه خطاب يستعرض سياسة الدولة الداخلية والخارجية وما حققته من إنجازات، وبذلك يرسم للمواطنين وللعالم أجمع صورة شاملة واضحة عن المملكة في عام مقبل، وفي هذا الخطاب التاريخي كان المواطن السعودي هدف التنمية الأول، والمملكة ستظل ذات سيادة وسياسة ثابتة ومبادئ راسخة في سياستها الخارجية ملتزمة بالمواثيق الدولية، مدافعة عن القضايا العربية والإسلامية، الرامية إلى محاربة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار في العالم، الساعية إلى توحيد الصفوف لمواجهة المخاطر والتحديات التي تحيط بالأمتين العربية والإسلامية.
كما جاء في الخطاب "إننا مجتمع مسلم يجمعنا الاعتصام بحبل الله، والتمسك بكتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - عقيدة وشريعة ومنهجا، كما أن هذه الدولة حريصة على الارتقاء بأداء أجهزتها بما يلبي تطلعات وآمال مواطنيها في المجالات كافة، وهي تدرك أن أمامها العديد من التحديات إلا أنها عاقدة العزم بإذن الله على تجاوزها وتوفير الحياة الكريمة لمواطنيها".
هكذا هي المسيرة منذ التأسيس حتى هذا اليوم، سياسة ثابتة راسخة كالجبال، لم تتغير ولم تتبدل، وبينما تتبدل أحوال الناس من الفقر إلى الرخاء ومن الفقر إلى الغنى، ومن المرض إلى الصحة، لم تتبدل هذه الدولة تجاه أبنائها وبقيت وفية لهم، تضع الإنسان في المقام الأول وهدف التنمية الأساس، ولقد جاءت رؤية المملكة 2030 بناء على هذه القوة، وتجاوزت المملكة بها المحن كافة، وانتهت صراعات وأحزاب ومنظمات وإرهاب وبقيت المملكة بسياستها الثابتة راسخة الأقدام، وفي خطابة السنوي يؤكد الملك سلمان أن اكتتاب "أرامكو" يأتي لمنح المواطنين فرصا للاستثمار والمشاركة ودعما للسوق المالية لتصل إلى مستويات عالمية، وهو ما يمنح القطاع الخاص فرصا أفضل للوصول السهل إلى التمويل وإلى تعزيز التوسعات الرأسمالية التي تسهم في تنمية مباشرة وتسهم في دعم الاقتصاد السعودي وتوفير فرص عمل كريمة للمواطنين، كما أشار إلى الدور المهم الذي سيكون للسياحة في المستقبل الاقتصادي، مع التطوير المتواصل للقطاع الصناعي واللوجيستي.
وكما هي المملكة ثابتة في مواقفها فقد جاء الاتفاق بين الحكومة اليمنية والحراك الجنوبي في المسار نفسه الذي تدعم فيه المملكة كل سبل السلام، وهذا يعيدنا بالذاكرة إلى العشرات من اتفاقيات السلام التاريخية التي عقدت في المملكة، وليس في السياق العربي فقط بل حتى العالمي، عندما وقعت دولتا إريتريا وإثيوبيا الإفريقيتان معاهدة السلام في جدة بعد عقود من الحروب المتواصلة، إنها المملكة التي تعرضت لاعتداءات بـ286 صاروخا باليستيا، و289 طائرة مسيرة، ولم تتخلَّ عن الشعب اليمني وحكومته الشرعية، كما لم يتأثر الاقتصاد السعودي ولا المواطنون بهذه الاعتداءات وبقيت المملكة آمنة مطمئنة، هذه هي المملكة في دعمها للمواطن وزيادة تملك المساكن، مع تحفيز المعروض بشتى الوسائل، وهي المملكة التي اهتمت بالتعليم وتطويره، ولهذا تم إقرار نظام الجامعات الجديد ليحقق تطلعات القيادة نحو بناء الشباب للمستقبل الزاهر، بعون الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي