القضاء على فقر التعليم هدف عالمي «2 من 2»

يعد إتقان القراءة مؤشرا إلى التعلم الأساسي في مواد أخرى، بالطريقة نفسها التي يعد بها غياب التقزم عند الأطفال مؤشرا إلى النمو السليم في الطفولة المبكرة. إن الأنظمة التي تضمن قدرة جميع الأطفال على القراءة تنجح على الأرجح في مساعدتهم على تعلم مواد أخرى أيضا. وتوضح البيانات ذلك: ففي مختلف البلدان والمدارس، ترتبط معدلات إتقان القراءة ارتباطا كبيرا بإجادة المواد الأخرى.
على سبيل المثال، يرتبط ما يحققه بلد ما من درجات في القراءة في إطار "تقييم الدراسة الدولية لقياس التقدم في مهارات القراءة" التي تقيسها "الدراسة الدولية لتوجهات مستويات الأداء في الرياضيات والعلوم" بدرجات مادة الرياضيات ارتباطا تاما تقريبا، كما أن الارتباط بين المواد ضمن التقييمات الأخرى قوي أيضا، كما يوضح تقرير جديد للبنك. كما أن تنمية اللغات التي تعززها مهارات القراءة تتعزز أيضا مع تنمية التنظيم الذاتي للطفل، وهي مهارة اجتماعية عاطفية أساسية.
ما الذي يمكن عمله لضمان تعلم الأطفال القراءة؟
لدعم الجهود القطرية الرامية إلى تحسين الإلمام بالقراءة والكتابة، قدم البنك حزمة سياسات للإلمام بالقراءة والكتابة وهي تحدد الإجراءات التدخلية التي أثبتت نجاحها في تعزيز الإلمام بالقراءة والكتابة على المستويين الوطني والمحلي في بلدان عديدة. ففي مصر على سبيل المثال، تقوم الحكومة بتنفيذ برنامج إصلاحي لتغيير مناهجها ونظم التقييم حيث يتم تقييم الطلاب على مدار العام، وذلك من خلال امتحانات تركز على اكتساب المهارات، ويتلقى المعلمون شهادات للتدريب والتعلم من الأقران. ومن بين العناصر الرئيسة للإصلاحات التحول نحو التعلم، وليس الحصول على الشهادة. ففي البرازيل، في ولايات مثل سيارا، وإسبيريتو سانتو، وأكري، وبيرنامبوكو، تتحسن جودة التعليم بشكل مطرد، ما يدل على أن التغيير أمر ممكن. هذه فقط أمثلة قليلة، تم وصف مزيد منها في البحث الجديد: "إنهاء فقر التعلم .. ما المطلوب؟"
تستثمر البلدان الناجحة في تحويل أسلوب تفكير كل الجهات الفاعلة في النظام التعليمي إلى التركيز بلا هوادة على التعلم. فهي توفر للمعلمين الوسائل التعليمية المعاونة، مثل توجيهات وإرشادات التدريس التي يمكن أن تسهل عملهم اليومي، وتتيح التدريب والملاحظات والتعليقات للمعلمين لتحسين ممارساتهم داخل الفصول الدراسية، وتضمن أن جميع الأطفال لديهم المواد اللازمة للقراءة، وتوفر مناهج بسيطة وفعالة لتوجيه المعلمين. وفي كثير من البلدان يثبت التحول إلى التدريس باللغة الأم في أعوام التعليم الابتدائي الأولى أنه أمر ضروري لتحسين الأداء. وتزيد النظم ذات القدرات المؤسسية الأقوى من استثماراتها في التعليم الجيد في مرحلة الطفولة المبكرة، وتنفذ هياكل تمكن الأطفال من التعلم في المستوى المناسب، وتعزز المسار المهني لمديري المدارس. وفي جميع الحالات، يمكن للتكنولوجيا أن تجعل تنفيذ هذه الإجراءات التدخلية أكثر فاعلية من حيث التكلفة، وقياس التعلم ضروري لمراقبة التقدم وتوجيه عملية تحسين النظام. وعلى الرغم من أن نوع التقييم قد يختلف، فإن الضروري هو أن تتبنى نظم التقييم أساليب جيدة التحديد لتزويد النظام بمعلومات تقييمية عن أداء الطالب ما يسهل عملية توجيه القرارات. في النظم المدرسية التي تعلم فيها 90 في المائة من الأطفال القراءة، يكون لمعظمها أهداف واضحة وملموسة ومحددة زمنيا للقراءة في الصفوف الدراسية الأولى.
ولتحقيق النجاح وتوجيه تركيز النظام بأكمله على تعلم الطلاب ستسعى البلدان إلى التحرك في نهج من محورين: تنفيذ هذه الإصلاحات قصيرة الأجل لتحسين الخدمات المقدمة للطلاب المنتظمين في المدرسة الآن مع إدخال تغييرات منهجية في الوقت نفسه لتحسين أسلوب عمل النظام التعليمي في الأمد الطويل، مثل إصلاح المسار المهني للمعلمين لجذب المهنيين الأكفاء والاحتفاظ بهم، وإصلاح التدريب السابق على ممارسة التدريس، وإصلاح الهيكل الإداري للنظام بأكمله، وتوسيع البنية التحتية، وغير ذلك.

تدخلات قطاع التعليم وحدها ليست كافية
سيتطلب التصدي للفقر في التعلم منهجا تدعمه إجراءات تتجاوز قطاع التعليم. فإصلاح قطاعات المياه والصرف الصحي، والنقل، وبرامج التحويلات النقدية، والصحة والتغذية، والخدمة المدنية، جميعها مجالات أساسية لتحسين التعلم. ويدرك مشروع رأس المال البشري الحاجة إلى اتباع نهج الحكومة بأكملها لتحسين رأس المال البشري. وسيتطلب خفض معدل فقر التعلم أيضا تجديد الاهتمام بالدور الذي تلعبه الأسر والمجتمعات المحلية في بناء الطلب على التعليم، وتوفير البيئة المناسبة للتعلم، وإحداث طلب اجتماعي على إصلاحات التعليم الملائمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي