الهدية غير المتوقعة

عمل صديق لي في شركة كبيرة. وكان لديه رئيس داعم للكفاءات والمواهب الشابة. معظم الموظفين الطموحين يتطلعون إلى العمل تحت إدارته. يفرح ذلك الرئيس بأي إنجاز أو مهارة يتذوقها في عمل أي موظف. يدعمه بشدة حتى يرتفع أكثر ويتألق. يحرص على تقديم زملائه المتميزين، ولا يخبئهم خوفا على كرسيه.
هذه الروح التي يتحلى بها جعلته محل إعجاب رؤسائه ومرؤوسيه على حد سواء، وأفضت هذه السياسة إلى صعوده الإداري وصعود زملائه.
كان من بين الموظفين الذين دعمهم شاب بارع ومتميز، كان يرى فيه نبوغا إداريا لافتا. قدم له الدعم والمؤازرة، المساندة، والنصيحة.
انطلق الموظف تحت إدارته كالصاروخ. ارتقى أعلى المناصب. بات الشاب اليافع مسؤولا كبيرا في إحدى الجهات. يحرص كثير من زملائه القياديين في الجهات الأخرى على استشارته والاستئناس برأيه في عديد من القرارات الاستراتيجية، نظرا لثقتهم بكفاءته وخبراته.
لم ينس عندما طلب منه زميله المسؤول اسم قيادي يراه مناسبا ليتبوأ منصبا مرموقا أن يذكر اسم رئيسه السابق الذي دعمه شابا حتى أسهم في وصوله إلى القمة. رشح اسم ذلك الرئيس الداعم لزميله ولم يتردد في إجراء مقابلة وظيفية معه. بعد المقابلة تواصل زميله معه وشكره على ما وصفه بـ"الهدية الثمينة" نظرا للقدرة التي رآها والمواصفات التي استشعرها في المسؤول الجديد في منظومته.
ذلك المسؤول يكمل اليوم ثلاثة أعوام في الجهة التي يقود أحد أبرز مفاصلها، ويحقق فيها قفزات نوعية، ويتذكر دائما أن سر نجاحه بعد توفيق الله؛ يعود إلى موظفه السابق الذي منحه فرصة عمره من خلال وظيفة طالما حلم بها.
إنها رسالة لنا جميعا عندما تسعد تسعد. وعندما تعطي تأخذ. وعندما تكرم يغدق عليك.
فالفرص التي أتاحها المدير للموظف الشاب لم تسهم في صعود الشاب وبزوغ نجمه فحسب، وإنما في نجاح المدير وتوهجه أيضا.
بعيدا عن المكاسب التي سننالها من دعم المبدعين. هنالك سعادة عميقة سنتمتع بها عندما نرى بذرة تشجيعنا لهم تنمو وتكبر، وتصبح شجرة يانعة تتعاظم وتسمو وتؤتي ثمارها.
أن تكون جزءا من نجاح الآخرين فهو أكبر نجاح. فهو يعني أن تغرف من روحك وتمنحها لروح غيرك. فتبعث في داخله الثقة، وتملأ في أعماقك سعادة لا تنتهي صلاحيتها.
لا تتردد في دعم الغير لتظفر بالخير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي