الحد من تأثير شركات الطيران

من الممكن وربما من الواجب أن تكون المعارض الفنية مثيرة للتفكير، وهو بالضبط ما تستهدفه المعارض من تقليل الهدر وإعادة الاستخدام وإعادة التفكير حيث تقيمها شركات استشارات التصميم في متحف التصميم في لندن والمستمرة حتى شباط (فبراير) 2020. لكن على عكس معارض الفنون النمطية، فإن المعرض هذه المرة يركز على تصميم مفهوم جديد يمكن أن يغير الطريقة التي نسافر بها، أو على الأقل من التأثير البيئي الناتج عن السفر.
في إطار تركيزها على مستقبل التخلص من البلاستيك أحادي الاستخدام، وظفت الشركات مهاراتها سعيا لحل المشكلات المرتبطة بأنشطة السفر بالطائرات. وبحثت عن طرق للتخلص من 2.2 رطل من النفايات تنتج عن كل مسافر في كل رحلة، وهي مشكلة كبيرة تضيف نحو 5.7 مليون طن من نفايات السفر الجوي سنويا في جميع أنحاء العالم. واتبعت أساليب متعددة الجوانب لمعالجة هذه المشكلة، بدءا من صينية تقديم الوجبات وأدوات تناول الطعام في الرحلات الطويلة.
ابتكر المصممون بدائل عملية وجذابة بشكل مدهش للأدوات البلاستيكية لاستخدامها في تناول الطعام أثناء الطيران. وبعض هذه العناصر الصناعية قابلة للغسل وإعادة الاستخدام، مثل صواني التقديم المصنوعة من مخلفات القهوة وقشورها، والأطباق المصنوعة من نخالة القمح، والملاعق والشوكات المصنوعة من خشب جوز الهند. أما الكؤوس فتم تصميمها من جزأين؛ حيث تكون الطبقة الخارجية قابلة لإعادة الاستخدام ومصنوعة من قشور الأرز وتحتوي على مادة لاصقة مكونة من متعدد حمض اللبنيك، بينما تكون البطانة الداخلية التي يمكن التخلص منها مصنوعة من الطحالب.
كما شهدت وسائل التعبئة والتغليف الأخرى تحديثات مستدامة، حيث يغطى الطبق الرئيس بغطاء من الخيزران، وهو عنصر صديق للبيئة بديل للبلاستيك المصنوع من منتجات النفط. وبالنسبة للأطباق الجانبية تصنع أغطيتها من أوراق الطحالب أو الموز، بينما تحتوي أغطية أطباق الحلوى على تصميم رقائقي يميزها عن الأغطية الأخرى لتحديد ما تحتويه بسهولة. وتم استبدال أكياس التوابل ذات الاستخدام الواحد بكبسولات مصنوعة من الأعشاب البحرية القابلة للذوبان. ولسهولة تحويل هذه المخلفات إلى سماد بعد استخدامها تغلف كلها في غطاء الوجبة الرئيسة.
كما تقدم الشركات حاوية مياه قابلة لإعادة التعبئة مصممة حيث يمكن تثبيتها في ظهر المقعد. كما عملت شركات التصميم مع ممثلي شركات الطيران على تصميم محطة إعادة تعبئة مياه مركزية كبديل شامل ومستدام لزجاجات المياه البلاستيكية.
وعلى الرغم من أن عناصر التصميم في طبق الوجبات المفترضة هي عناصر مبتكرة، إلا أن المعرض يستهدف أيضا زيادة الوعي حول تأثير السفر في البيئة وليس فقط من جهة الطعام المستهلك وأوعيته. ولا شك أنه لا يزال هناك عديد من الخطوات التي يتعين على صناعة الطيران اتخاذها لتقليل تأثيرها في البيئة، إلا أن المعرض يريد من المسافرين أن يعيدوا النظر في عادات الاستهلاك الخاصة بهم فقط عن طريق استخدام المنتجات التي يحتاجون إليها فقط وتتسم بأنها طويلة العمر وقابلة لإعادة الاستخدام.
وفي سياق متصل أصبح مطار سان فرانسيسكو SFO أول مطار يعلن الحظر الكامل لزجاجات المياه البلاستيكية في جميع متاجره ومطاعمه. وأصبح هذا الحظر ساري المفعول بدءا من 20 آب (أغسطس) الماضي كجزء من التعهد الشامل للمطار بالوصول إلى نسبة صفر نفايات بحلول عام 2021. ومن ثم يجب على الموظفين والركاب إحضار أو شراء زجاجات المياه القابلة لإعادة التعبئة أو الكؤوس القابلة للتحول إلى سماد ويمكن استخدامها في 100 محطة إعادة تعبئة مختلفة موجودة بالفعل في المطار.
وبهذا يكون مطار سان فرانسيسكو أول مطار يقوم بتنفيذ هذا التغيير. وهم في طليعة رواد هذه الصناعة، حيث يتجهون إلى رفع سقف مبادرات الاستدامة.
وقبل تطبيق هذا الحظر كان البائعون في المطار يبيعون ما مجموعه أربعة ملايين قارورة مياه كل عام، أي ما يعادل أكثر من عشرة آلاف قارورة يوميا. وسيكون لتطبيق الحظر تأثير كبير في تقدم مدينة سان فرانسيسكو نحو تحقيق نسبة صفر نفايات. كما حظرت سان فرانسيسكو وبيركلي القريبة منها أخيرا "ماصات" السوائل البلاستيكية. وفي عام 2011 بدأ المطار في تثبيت محطات إعادة تعبئة زجاجات المياه وعمل على تشجيع المسافرين على إحضار زجاجاتهم القابلة لإعادة التعبئة المصنوعة من الزجاج أو المعدن أو البلاستيك متعدد الاستخدامات، إلا أنه يجب على المسافرين إحضار الزجاجات فارغة امتثالا لقواعد إدارة أمن المواصلات واجتياز اختبارات السلامة قبل ملء زجاجاتهم. ومنذ عام 2011 رفع المطار عدد محطات إعادة التعبئة إلى ما يقرب من 100. وترك المطار الخيار لمختلف البائعين لتزويد محطات إعادة تعبئة المياه الخاصة بهم بكؤوس قابلة للتحول إلى سماد. ومن المتوقع إذا ما نجحت هذه الجهود في مطار سان فرانسيسكو، فستنتقل هذه التجربة بكامل تفاصيلها إلى مطارات أخرى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي