نمو الثروات وتراجع الاقتصاد العالمي

لم تتوقف أعداد المليونيرات عن الارتفاع حول العالم. حتى في عز الأزمات الاقتصادية التي مرت بها الساحة الدولية، فإن أعداد هؤلاء تواصل الارتفاع، بما في ذلك الفترة التي ضربت فيها الأزمة الاقتصادية العالمية هذه الساحة، وتركت تبعات لها دامت عشرة أعوام. ومن الواضح أن السبب وراء هذا الارتفاع يعود إلى الفرص التي توفرها الساحات الاستثمارية هنا وهناك. حتى في الأزمات تكمن الفرص، كما يؤكد كثير من الخبراء الاقتصاديين، ما يعني أنه ليس مهما أن يكون هناك ازدهار اقتصادي لضمان ارتفاع أعداد الأثرياء الذين تفوق ثروات الفرد منهم مليون دولار. غير أن هنا بعض الجهات التي تتحدث عن أن بعض هؤلاء ربما حققوا ثرواتهم بطرق غير مشروعة، أو عبر التهرب الناجح من الضرائب، أو حتى من خلال غسل الأموال. وهذا يحدث في كل الأزمنة على كل حال، بل حتى في البلدان الأكثر تشددا من حيث الرقابة المالية.
في غضون ستة أشهر فقط ارتفع عدد المليونيرات في العالم 1.1 مليون ليبلغ المجموع الكلي 46.8 مليونير، وهؤلاء يملكون جميعا ما يقدر بـ158.3 تريليون دولار، أو ما يشكل 44 في المائة من المجموع العالمي للثروات. ومنذ أن بدأت الجهات المختصة إحصاء ثروات الأثرياء، احتلت الصين المركز الأول من حيث نمو عدد هؤلاء، لأسباب عديدة، في مقدمتها ما يشهده هذا البلد من نمو مرتفع مقارنة بغيره من البلدان الكبيرة الأخرى. حتى عندما انخفض هذا النمو، بقي الأعلى على مستوى العالم. ووفق معهد "كريدي سويس" للبحوث فإن زيادة المليونيرات على الساحة الصينية ستواصل الارتفاع في الأعوام القليلة المقبلة، ولا سيما في ظل التشريعات الاقتصادية المرنة التي تتبعها الدولة منذ أعوام عديدة، ما يوفر الميدان الملائم لجمع الثروات من خلال أعمال تشمل كل القطاعات.
وفي كل الأحوال تشير التقديرات إلى وصول حجم الثروات العالمية في غضون خمسة أعوام إلى 459 تريليون دولار مرتفعة 27 في المائة. وهي نسبة عالية بالفعل، وتعزز مسيرة الحراك الاقتصادي هنا وهناك، بصرف النظر عن مستويات النمو الشاملة. وهذا سينتج عنه ما يقدر بـ63 مليون مليونير. أعداد المليونيرات ترتفع في بلد وتنخفض في آخر، وهذا أمر طبيعي نظرا لحجم الاقتصاد في كل بلد، وطبيعة الساحة الاقتصادية والاستثمارية فيه. وتحسب أموال المليونيرات عادة بحجم الثروة الصافية التي يملكونها، ولذلك فإن أي ازدهار اقتصادي سيسهم تلقائيا في رفع حجم الثروات، سواء في البلدان المتقدمة والغنية أو في تلك الدول المصنفة في قائمة "النامية". وهذا يطرح الموضوع الآخر المتعلق بنمو ثروات الأسر.
الثروة العالمية ارتفعت استنادا إلى آخر الإحصاءات بهذا الخصوص، بنسبة 2.6 في المائة إلى 360 تريليون دولار خلال العام الماضي. وبتوزيع هذه الأموال على الأفراد تصبح ثروة كل شخص بالغ أكثر من 70 ألف دولار. بالطبع لا توزع هذه الأموال على جميع سكان العالم بهذه الطريقة، لأن الأمر مرتبط بمكان وجود هؤلاء الأفراد، لكن في النهاية الثروة العالمية تحسب بهذه الطريقة، مثلما يحسب الناتج المحلي الإجمالي في أي بلد.
وفي كل الأحوال، يتفق المختصون على أن العالم سيشهد نموا كبيرا في الفترة المقبلة للثروات على مختلف الأصعدة، حتى في ظل التحذير من مغبة دخول الاقتصاد العالمي مرحلة من الركود، أو في أفضل الأحوال تراجع النمو الاقتصادي الدولي في هذه الفترة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي