وزارة التدريس

المعلم، حلقة الوصل بين الطالب والعالم الخارجي منذ أن يبدأ عقله بالتفتح. هو النافذة التي يدخل منها النور إلى عقلك، وأول من منحك لغة التواصل مع عالمك الخارجي. من دونه حياتك مقصورة على عائلتك ومجتمعك الصغير جدا. يفتح لك الآفاق ويرسم معك مستقبل أيامك!
لهذا، تكريمه ليس في وردة أو عبارة، إنما تكريم المعلم بإعادة هيبته ودوره الحقيقي في التربية قبل التعليم. نسينا كثيرا من العلوم التي علمنا إياها معلمونا، لكن لم ولن ننسى المبادئ التي غرسوها فينا، حتى قسوتهم كانت دروسا. بيد علمونا وبالأخرى ربتوا على أكتافنا وأخذوا بأيدينا، ليرونا العالم، لنعيش الحلم ونسعى إلى تحقيقه.
المعلم الحقيقي هو البنّاء أو المهندس المعماري الذي يعرف كيف وأين يضع أساساته، ليرفع البناء، واليوم يكبر ويتعاظم دور المعلم ليواكب التطور ويخرج الطلبة من عالمهم الافتراضي إلى العالم الواقعي!
دور الأسرة تقلص بشكل كبير جدا نتيجة تطور التقنية الحديثة، ولم يبق إلا أنت "أيها المعلم" في مواجهة التيار. فهم مجبرون منذ مراحل دراستهم الأولى حتى ما بعد الجامعة، على الوجود معك لمدة لا تقل عن 45 دقيقة، بها تستطيع صناعة الفرق. تحبهم أولا، وتسلحهم بأدوات تحافظ على هويتهم ومبادئهم وعقيدتهم، فما يحدث اليوم من تقلبات وضياع للشباب وطمس الهوية أحد أسبابه غياب المعلم القدوة. لذلك، المعلم الحقيقي هو من يطور نفسه ويصنع أدواته للحفاظ على قيمته ومواكبة متغيرات العصر. لا تستهينوا بدوركم أيها المعلمون، ولا تقبعوا في الزوايا المظلمة محملين باليأس. أنتم صناع الأجيال وحاملو الرسالة بعد الرسل. اغرسوا بذوركم حتى لو كانت الأرض صبخة. ستجدون الطريقة لريها لتنمو وتثمر في وطن يستحق منا أن نتعب من أجله. شعار اليوم العالمي للمعلم هذا العام "المعلمون الشباب، ومستقبل مهنة التدريس"، ووددت أنها استبدلت بمهنة التعليم، فالتدريس نقل للمادة العلمية للطالب باستخدام وسائل مختلفة ونتائجها محصورة في التحصيل العلمي، أما التعليم فيشمل التدريس والتربية والتوجيه.
المعلم هو المدرس والمربي والموجه والأخ والصديق والملجأ للطالب في جميع الظروف، ومختلف المراحل، فهو القريب البعيد الذي تستطيع منحه ثقتك، فيوجهك إلى الطريق الصحيح، وكي يكون المدرس معلما لا بد أن يؤمن بأهمية رسالته وعظم الدور المنوط به، ويحاول أن يطور من أدواته بالاطلاع واكتساب الخبرات ممن سبقوه. أنت تحمل شرف الانتساب إلى وزارة التعليم، أما أنتم فقد تكونون معلمين بلا مدارس حين تسهمون بأفكاركم وجهودكم، وتحملون على عاتقكم هم بناء الأجيال القادمة!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي