الطاقة المتجددة .. استراتيجية الاقتصاد المتكامل

يبحث العالم اليوم وبشكل محموم عن الطاقة ومصادرها وتنوعها للاستفادة منها في تحريك ودعم المشاريع التنموية، وهذا الوضع يبعث على التفاؤل على كل حال، فالطاقة عموما أصبحت تشكل مصدرا مهما لجميع الاقتصادات التي تبحث عن تنوع إيراداتها ودعم الناتج المحلي. إذن الطاقة من هذا المنطلق تمثل العمود الفقري لمعظم المشاريع في العالم، ولذلك تتواصل الجهود للبحث عن مصادر جديدة للطاقة المتجددة في الوقت نفسه.
وهنا تبرز أهمية الطاقة الشمسية كأحد أهم المصادر التي يطمح العالم للوصول إليها، ولأن الوقت حاسم جدا أمام العالم في تجاوز أزمة الطاقة هذه فقد بدأت الاستثمارات تتدفق بقوة خلال هذا العقد 2010ــ2019 بما يزيد على ثلاثة أمثال الاستثمارات في سنوات العقد الماضي، وقريبا سيصل مجموع الاستثمارات العالمية في هذه المجال إلى 2.6 تريليون دولار، وستكون الطاقة الشمسية قد جذبت 1.349 تريليون دولار، أي نصف الـ2.6 تريليون دولار من استثمارات الطاقة المتجددة التي تمت على مدى العقد.
يجد هذا الاتجاه من الاستثمارات العالمية الكبيرة زخمه من قمة الأمم المتحدة للعمل من أجل المناخ 2019، التي تسعى إلى جعل التغير المناخي القضية الحاسمة في وقتنا، وترفع شعارا شديد الصرامة مفاده "الآن هي اللحظة الفاصلة لفعل شيء ما إزاء ذلك". ومن أجل ذلك وضعت الأمم المتحدة خطة عمل واسعة من عدة مناشط أولها التخفيف الذي يركز على تعزيز الالتزامات الوطنية بمخططات انعدام أي انبعاثات وخاصة في البلدان الرئيسة التي تنبعث منها الغازات، ثم منشط العوامل الاجتماعية والسياسية الذي يهتم بالقضايا الشاملة في الصحة والمناخ، والأمن، ثم منشط الشباب والتحشيد العام. ويأتي التحول في مجال الطاقة كمرتكز رئيس لتسريع التحول في مجال الطاقة، بما في ذلك الدفع بالطاقات المتجددة، والكفاءة في استخدام الطاقة، وتخزين الطاقة، والوصول والإبداع إضافة إلى حشد الاستثمارات من أجل التحول في مجال الطاقة، وهذا المسار يقوده كل من الدنمارك وإثيوبيا بمساعدة الطاقة المستدامة للجميع، إضافة إلى هذا هناك مناشط قوية باتجاه التحول في مجال الصناعة. يركز المسار على إيجاد التزامات قوية من القطاعات التي يصعب فيها التخفيف "الفولاذ، الأسمنت"، كما تعمل مناشط في مجال المدن والعمل المحلي لرفع الالتزامات الطموحة حول خفض الانبعاثات وتقوية البنية التحتية، مع الحلول المستندة إلى الطبيعة والمرونة والتكيف إضافة إلى التمويل المناخي وتسعير الكربون.
ووضعت المملكة ضمن إطار "رؤية 2030" البرنامج الوطني للطاقة المتجددة كمبادرة استراتيجية لتأسيس صناعة الطاقة المتجددة والوفاء بالتزامات المملكة تجاه تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وتم إنشاء مكتب تطوير مشاريع الطاقة المتجددة تحت وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في عام 2017 آنذاك لهذا الغرض وتحقيقا لتوحيد قدرات المملكة في أبحاث الطاقة وقياسها وجمع بياناتها وتنظيمها وتطويرها وطرح المناقصات المتعلقة بالطاقة المتجددة، وذلك بالتعاون مع أصحاب المصلحة في قطاع الطاقة في المملكة بما في ذلك مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، وهيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج، والشركة السعودية للكهرباء. وهناك اليوم نحو 11 مشروعا للطاقة الشمسية أكبرها مشروع الفيصلية بطاقة 600 ميجا واط، وأربعة مشاريع أخرى بسعة مركبة تبلغ 300 ميجا واط في رابغ وجدة والرس وسعد، إضافة إلى القريات بسعة 200 ميجا واط، ووادي الدواسر بسعة 70 ميجا واط، والمدينة المنورة بسعة 50 ميجا واط، ورفحاء بسعة 45 ميجا واط، ومهد الذهب بسعة 20 ميجا واط.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي