Author

رانو

|

‏يقول وليام شكسبير "جنبا إلى جنب يسير الحظ والجرأة".
قبل شهر قامت امرأة هندية فقيرة تدعى رانو موندال، تظهر علامات البؤس الشديد عليها بالسماح لأحدهم بتصوير مقطع فيديو لها، وهي تغني في محطة قطار قديمة تعج بالقادمين والمغادرين، كانت نبرة الشجن والألم بادية في صوتها تم نشر هذا الفيديو، والمدهش أنه بعد نشره بساعات قليلة وصلت مشاهداته للملايين بدأ الفضول يقود الناس لمعرفة كل التفاصيل عن هذه المرأة الفقيرة التي تمتلك حنجرة ذهبية اكتشفت وسائل الإعلام أنها امرأة فقيرة بالكاد تملك قوت يومها وتسكن في ولاية البنجال بدأت محطات التلفاز والإذاعة ووسائل التواصل تتهافت عليها للفوز بسبق إعلامي ثم بدأت حياتها تتبدل سريعا، فمن امرأة بائسة مطحونة تحت ركام الحياة، لا تعبأ بثيابها البالية وشعرها الأبيض الذي يزيدها هرما وبؤسا إلى امرأة أنيقة مهندمة شعرها مصبوغ باللون الأسود وعيناها تشع منهما روح الحياة والأمل، وبدأت جوائز الحياة تهطل عليها، حيث عرض عليها المشاركة في برنامج مواهب، كما قام المغني الهندي الشهير هيميش ريشاميا بتسجيل أول أغنية رسمية لها.. كما تلقت عدة عروض مغرية لعقود أغاني ستدر عليها ربحا كبيرا!
السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة.. ماذا لو أن رانو موندال خجلت من ثيابها البالية وشعرها "المنكوش" ومظهرها البائس وفقرها المدقع، ولم تؤمن بما تمتلكه من موهبة صوتية ولم تقم بالسماح بتصوير ونشر مقطع الفيديو هذا؟! ماذا لو أنها خشيت أن تكون موضع سخرية الآخرين والتندر عليها من قبل أقاربها ومعارفها وجيرانها؟ ماذا لو أنها خافت من شماتة الشامتين وسيل التعليقات المحطمة التي قد تتلقاها؟! فهل كانت ستحصل على كل هذا التغيير الإيجابي الهائل في حياتها؟
لا أعتقد أن ذلك دار في ذهن تلك المرأة إطلاقا وهذا ما جعلها تتقدم إلى الأمام وتستحق ما وصلت إليه، قصة هذا المرأة الهندية ذكرتني بقصة سوزان بويل وهي امرأة أربعينية من إنجلترا كان اهتمامها منصبا على منزلها الصغير ودجاجاتها فقط وحين سمعت عن برنامج المواهب البريطاني الشهير "قوت تالنت" قررت أن تشارك، وحين اعتلت خشبة المسرح تحدثت عن إيمانها بأنها تمتلك صوتا مميزا، فضجت الصالة بالضحك والاستهزاء بها وبمظهرها المتواضع وسخرت منها لجنة التحكيم وبحلمها، لكن المدهش أن سوزان لم تعبأ بهم ولم تلتفت إلى نقدهم وصدى ضحكاتهم الساخرة بل بدأت بالغناء بكل ثقة وجرأة، انبهر الجميع بصوتها بما في ذلك لجنة التحكيم ووقفوا ليصفقوا لها بكل حماس.
الحظ دون جرأة "ما يوكل عيش"! إذن

اخر مقالات الكاتب

إنشرها