زوجة في الوقت الضائع

في مجتمعاتنا العربية جرت العادة أن تشتكي بعض الزوجات أزواجهن. هذه المرة الحكاية مختلفة، فالرسالة التي وصلتني أثارت دهشتي لمقدار صبر هذا الزوج ومنحه الفرصة تلو الأخرى لزوجته. يقول "أنا متزوج من خمسة أعوام من فتاة اعتقدت أنني محظوظ بارتباطي بها، فأنا أملك مقهى ناجحا وكانت إحدى المترددات باستمرار عليه بحكم أنها كانت في آخر عام لها في الجامعة وتذاكر فيه، نما الحب بيننا وفور تخرجها تقدمت لخطبتها وتزوجنا.
كانت الصورة الظاهرية لها عكس كل تلك الاكتشافات المريعة التي ظهرت بعد الزواج، منذ عودتنا من شهر العسل بدأت مشكلاتنا. إهمال في واجباتها المنزلية لدرجة لا يمكن تخيلها. "مواعين الطبخ" كانت تجلس بالأسبوع والأسبوعين دون غسيل. الأكل معظمه من المطعم. ملابسي تظل في سلة الغسيل إلى أن تفوح رائحتها فأضطر لغسلها. ناقشتها في ذلك فغضبت وذهبت عند أهلها أسبوعا كاملا، وفي جلسة صلح اشترطت لعودتها أن أحضر لها عاملة لمساعدتها، وافقت وعادت. بعدها بدأت شروط أخرى وهي، لا تتحكم بي عند رغبتي في الخروج مع صديقاتي في أي وقت أو زيارتهن لي. أصبح خروجها شبه يومي وأحيانا لا تعود إلا بعد منتصف الليل، ورجعنا لنقطة الصفر وتشاجرنا وذهبت لأهلها واشترطت لعودتها أن أتركها على راحتها في الخروج مع زميلاتها وافقت على ذلك مكرها.
بعد عام حملت بطفلنا الوحيد وقضت معظم حملها في بيت أهلها وتحملت وصبرت وبعد ولادتها عادت للمنزل، وهذه المرة كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، كانت مهملة لدرجة أن طفلي كان يتعرض للخطر كثيرا بينما هي خارج المنزل مع زميلاتها، فمرة أصابه تشنج حراري ومرة سقط من "المشاية" وكسرت يده، ومرة انسكب عليه زيت حار في المطبخ... إلخ، وفي كل مرة لم يكن عنده إلا العاملة التي لم تتحمل مسؤوليات المنزل والطفل والطعام فهربت. مشكلاتنا أصبحت يومية وبدأت في التطاول علي بالضرب، أصبح طفلي دوما عند أمي العجوز، طوال الأعوام الخمسة التي قضيتها معها كانت تزداد قسوة وتطلبا وتحكما ومستحيل تتغير، أو تتنازل لأجل استمرار هذا البيت، منحتها كثيرا من الفرص، فهل تعتقدين أنني أظلمها حين أطلقها ولا أمنحها فرصة أخرى"؟
وخزة:
"الزواج الذي يجعلك تعيش في تعاسة وتحسر وعدم تقدم للأمام، ويستنزفك عاطفيا ونفسيا ويصنع منك شخصا بائسا لا وقت لديه في الإحساس بالسعادة لانشغاله بمنح الآخر مزيدا من الفرص والتضحيات دون بارقة أمل للتغيير، هو زواج (مضروب) ويجب أن تظل تدفع غرامته حتى تقتنع أن إكرام الميت دفنه"!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي