اتجاهات الهوية الرقمية «2 من 2»

لموازنة الفرص والتصدي للمخاطر المرتبطة تعمل مبادرة تحديد الهوية من أجل التنمية على مساعدة البلدان وشركاء التنمية والعاملين في مجال التنمية على اتخاذ اختيارات مستنيرة وملائمة للسياق بشأن التكنولوجيا والتصميم. واستنادا إلى المبادئ، يصحب دليل الممارسين الذي دشنته مبادرة تحديد الهوية من أجل التنمية أخيرا القراء خلال القرارات الرئيسة والخيارات الفنية التي تمثل أفضل الممارسات للتصدي للتحديات المشتركة. ويغطي هذا الدليل استراتيجيات التسجيل لتسهيل التغطية الشاملة والعمليات والتكنولوجيات لزيادة الخصوصية والأمن، وإرشادات بشأن المعايير والمشتريات لتحسين قابلية التشغيل البيني وتجنب التقيد بموردين معينين وتكنولوجيا معينة.
نعلم أن منح الأشخاص القدرة على إثبات هوياتهم يمكنه إحداث تحول في حياتهم وبلدانهم.
التزمت بيرو، بعد صراعها الأهلي بتحديد الهوية كأولوية وطنية. وكان ضمان تحديد الهوية الفريدة للمواطنين والمقيمين رمزا مهما من رموز إعادة الإدماج والمصالحة، خاصة لمن لا يملكون وثائق ثبوتية. ونتيجة لهذا الالتزام، حققت بيرو تغطية شبه عامة لنظام تحديد الهوية في يومنا هذا. فقد استطاع خوان، بفضل هويته الجديدة، الالتحاق بالدراسة وتلقي المساعدة من البرامج الاجتماعية التي ساعدته على التفوق في دراسته والحصول على منحة دراسية للالتحاق بالجامعة.
وتمكنت ميريام، بفضل هويتها، من عبور الحدود الكينية بطريقة آمنة ومأمونة، ما ساعدها على تنمية أعمالها في أوغندا وفتح حساب مصرفي لتأمين وإدارة شؤونها المالية. كما قلصت أيضا تكاليف التجارة كدفع الرشا والغرامات، وتمكنت من إرسال سلعها إلى رواندا وتنزانيا.
وفي الهند، تغيرت حياة شانتي ديفي عندما حصلت على هوية رقمية جديدة من خلال نظام آدهار الهندي للهوية البيومترية، وصار يتم تحويل مخصصاتها النقدية مباشرة إلى حسابها المصرفي، الذي استطاعت فتحه باستخدام رقم آدهار الخاص بها وبصمة أصبعها. وتستطيع الآن سداد المدفوعات الرقمية وتسلمها، مع أي شخص أو شركة، حتى دون هاتف ذكي. وباستخدام هويتها أصبحت الآن تتمتع بالتمكين الكامل من مباشرة حقوقها والحصول على الخدمات والفرص الاقتصادية.
في ظل وجود عدد متزايد سريعا من البلدان التي تعمل على تنفيذ أنظمة تحديد هوية رقمية جديدة أو تحديث أنظمتها الحالية من الأهمية البالغة بمكان أن يتم دمج أفضل الممارسات بفعالية لتعظيم الأثر وخفض المخاطر إلى الحد الأدنى، ولا سيما لأفقر الناس وأكثرهم تهميشا مثل خوان وميريام وشانتي ديفي.
على البلدان وضع الأسس السليمة وذلك بتنمية قدراتها ومؤسساتها وقوانينها ولوائحها التنظيمية ثم اختيار التكنولوجيات المناسبة والشاملة للجميع. وسيتطلب أي نظام وطني موثوق لتحديد الهوية الرقمية استثمارات طويلة الأجل لتوسيع إمكانية الوصول إلى أنظمة التسجيل المدني وتحديد الهوية. ويستلزم هذا إزالة الحواجز القانونية والإدارية، وتقليص المسافة بين الأشخاص وأقرب نقطة تسجيل، وتقليل الرسوم المرتبطة بالتسجيل وإصدار الهوية، وإيجاد حوافز خاصة لتشجيع التسجيل، ولا سيما لأبناء الفئات المستضعفة والمهمشة.
سيكون تعزيز جودة أنظمة تحديد الهوية بالغ الأهمية بالقدر نفسه؛ إذ يجب أن تكون الأنظمة التي يجري تصميمها وبناؤها الآن متجاوبة مع احتياجات الأفراد والمجتمعات في يومنا هذا، مع قدرتها في الوقت نفسه على التكيف مع الاحتياجات المستقبلية والتوسع لمراعاتها. الأهم من هذا كله أننا في حاجة إلى مواصلة وضع الناس في قلب تصميم أي نظام لتحديد الهوية الرقمية لزيادة سيطرتهم وحماية بياناتهم. ولذلك الغرض يتعين على البلدان والمجتمع الدولي زيادة الحوار والمشاركة بين الحكومات والمجتمع المدني وشركاء التنمية والقطاع الخاص للدعوة عالميا للحصول على "هوية جيدة" وتبادل المعلومات وحشد المعارف والخبرات.
من خلال الجهد المنسق يمكننا سد الفجوة العالمية في تحديد الهوية وضمان أن تعود أنظمة تحديد الهوية الرقمية بالتمكين على الناس وتتيح فرصا جديدة للجميع وتصبح منصات تحويلية للتنمية الشاملة والمستدامة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي