هاتشيكو

الأسبوع الماضي شاهدت فيلما أجنبيا بعنوان Hachi A Dog’s Tale، شدني الفيلم، خصوصا أن أحداثه مبنية على قصة واقعية بين رجل وكلب اسمه هاتشيكو، بعد أن انتهيت من متابعته وجدتني لا إراديا أبحث عن أصل تلك القصة، لأتعرف على تفاصيلها وأصحابها الحقيقيين، خصوصا أن هذا الفيلم حقق نجاحا ساحقا عند عرضه عام 2009.
تبدأ القصة الحقيقية في عام 1924 عندما اشترى البروفيسور في جامعة طوكيو هيدسابورو كلبا وأطلق عليه اسم هاتشيكو، ونشأت بينهما رابطة متينة، حيث اعتاد هاتشيكو مرافقة البروفيسور هيدسابورو كل صباح إلى محطة القطار عند ذهابه إلى العمل، ثم انتظاره في المكان نفسه في المحطة لحين عودته من عمله الساعة الخامسة مساء. ويوما بعد يوم اعتاد الناس على وقوف هاتشيكو أمام باب المحطة انتظارا لصاحبه، ولمدة عام كامل ظل هذا المشهد يتكرر، حتى جاء ذلك المساء الحزين حين طال انتظار هاتشيكو أمام باب المحطة، لكن مع الأسف صاحبه لم يصل، لأنه توفي إثر إصابته بجلطة دماغية، وهو يؤدي عمله في الجامعة. الأمر المدهش أن الأيام بدأت تمر على هذا الكلب الوفي وهو لم يغادر مكانه في المحطة انتظارا لعودة صديقه البروفيسور، ورغم محاولات موظفي ومسافري المحطة صرفه شفقة عليه، لكنه استمر على عادته لمدة عشر سنوات كاملة لم يبرح مكانه، على أمل أن يرى صاحبه من جديد.
بدأت الصحافة اليابانية تكتب عن قصة وفاء هاتشيكو لصاحبه، وقاموا بتصويره صورا حزينة معبرة وهو ينظر إلى باب المحطة، منتظرا عودة صاحبه. وشيئا فشيئا تحول إلى أسطورة يابانية، وقامت بعض المدارس بزيارة ميدانية للمحطة، حيث يمكث هاتشيكو الوفي ليتعلم منه الطلاب دروسا عن الوفاء، كما قام نحات ياباني عام 1934 بنحت تمثال برونزي لهاتشيكو، تكريما لوفائه ووضعه أمام أحد المخارج الخمسة لمحطة القطار، حيث يزدحم يوميا آلاف الأشخاص أمام هذا التمثال لالتقاط الصور التذكارية معه. في عام 1935 عثر على هاتشيكو ميتا في أحد شوارع طوكيو، وجرى تحنيط جثته وعرضت في المتحف الوطني للعلوم في طوكيو، وما زالت موجودة إلى يومنا هذا.
هذه القصة الواقعية جرت أحداثها بداية عام 1924 حين كان الناس ما زالوا يعيشون شيئا من جمال الإنسانية وينعمون بدفء العلاقات.. ترى كيف كانوا سيحتفلون لو أن هاتشيكو عاش في هذا الزمان الذي أصبح فيه الوفاء عملة نادرة حتى بين الأصدقاء؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي