default Author

التكنولوجيا وعلاقتها بالصناعة المالية

|


يكتسب تحديد المعايير أهمية بالغة في هذا المجال. ومن المعتاد في كل دورة ابتكار جديدة أن تأتي شركات مختلفة بطرق مختلفة لفعل شيء يؤدي إلى وضع مجموعة من المناهج التكنولوجية. ويساور البعض القلق من أن ذلك قد يجهض نتاج سنوات من الجهود، التي بذلت لدمج الصناعة المالية في العالم. وعلى سبيل المثال، في ظل مبادرة "المنطقة الموحدة للمدفوعات باليورو" SEPA، استغرقت السلطات الأوروبية 12 عاما منذ إصدار العملات الورقية والمعدنية لليورو في 2002، لدمج المنصات التكنولوجية وإجراءات العمل الخاصة بأداء المدفوعات عبر الحدود بين 35 بلدا مشتركا بمستوى البساطة والتكلفة الزهيدة نفسها لإجراء تحويل محلي. ويشرف مارك بيلي، بصفته مدير عام البنك المركزي الأوروبي، المختص بالبنية التحتية للسوق والمدفوعات، على مبادرة "المنطقة الموحدة للمدفوعات الأوروبية" ومبادرات تكامل أخرى على مستوى القارة مثل، TARGET2 وهو نظام تسوية المدفوعات النقدية في منطقة اليورو، وT2S، وهو النظام المكافئ للأوراق المالية. ويتابع تطورات "بلوكتشين" باهتمام، لكنه لم يتأثر ببعض الوعود، مثل اختصار وقت التسوية. ويقول بيلي: "لا يوجد في التكنولوجيا الحالية ما يمنع التسوية الفورية. والمشكلة تكمن في هيكل الأسواق. فإذا رغب مدير صندوق في ميامي أن يستثمر في فرانكفورت، سيكون هناك عديد من النواحي القانونية والجوانب، التي تتعلق بالتشغيل والضريبة، والاعتبارات المالية التي تؤخذ في الحسبان، وقد يفضل العمل مع وسطاء، لتوفير هذه الخبرات عبر الحدود بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي/ ألمانيا".
إنه لا يستبعد احتمال تطور "بلوكتشين" أو تكنولوجيا مشابهة لدفاتر الحسابات الرقمية الموزعة، لتصبح مفيدة في البنوك المركزية، رغم أوجه القصور التي تشوبها في الوقت الراهن، والتوتر في المفاهيم بين دفاتر الحسابات الموزعة والمركزية. وبينما لا يوجد حقيقة أي تصور في الوقت الحالي لاستخدام "بلوكتشين"، عوضا عن نظم التسوية الرئيسة في البنك المركزي الأوروبي، فهو محل دراسة في مواضع معينة، لتعزيز دور الأسواق الثانوية بالتعامل في مزيد من الأوراق المالية غير المألوفة. ويضيف بيلي علينا أن نرى ما إذا كانت هذه التكنولوجيا يمكن أن تفيدنا، وإذا كان باستطاعتها أن تساعد على تخفيض التكاليف ووضع نظم أكثر صلابة. ولكن علينا أيضا أن نفكر في تأثيرها على الوساطة المالية، وهو دور البنوك والأطراف الأخرى المشاركة في السوق، وكذلك قدرتنا كجهات تنظيمية. ويتساءل البعض عما إذا كانت "بيتكوين" وتطبيقات "بلوكتشين" الأخرى، يمكن أن تؤدي في نهاية الأمر إلى تقويض السياسة النقدية والاستقرار المالي، ولكن هناك إجماعا في الآراء على عدم وجود مخاطر آنية. وربما كان الوقت مبكرا للغاية، لقول ما إذا كانت "بلوكتشين" هي "الإنترنت المقبلة" أو مجرد تطور تدريجي. والطريق إلى سيليكون فالي ممهد بأفكار مبالغ فيها ثبت عدم توافر مقومات بقائها، وشركات ثورية لم يعد لها أثر خلال سنوات قليلة، ولكن مع هذا كان لها بعض التأثير في بعض الحالات. واستحوذت شركة AOL في عام 1999 على متصفح الشبكة "نتسكيب" الذي أنشأه أندريسن مقابل ما يزيد على أربعة مليارات دولار. وفي عام 2015، استحوذت شركة فيرايزن على شركة AOL بالمبلغ نفسه تقريبا، وهي اليوم بالروح نفسها التي كانت عليها في السابق. ومن الممكن أن نفكر في أن "بيتكوين" أو أي تكنولوجيا "بلوكتشين" أخرى يمكن أن تنهار، بسبب عيب في التصميم غير معلوم بعد، أو بسبب عمل قرصنة مدمر.
ولا تزال "بلوكتشين" في بداياتها. وكما قال بيل جيتس يوما: "نحن دائما نغالي في تقدير التغير، الذي سيحدث في العامين المقبلين ونقلل من تقدير التغير الذي سيحدث في الأعوام العشرة المقبلة".

إنشرها