الطاقة وتحفيز النمو الاقتصادي «2 من 2»

تستأثر قضايا الطاقة بحصة ضئيلة من التحليلات والمقالات في الصحافة العالمية، إلا في حال حدوث أزمات في الشرق الأوسط، لذا يعد القراء أن المال هو أساس الحركة الاقتصادية في العالم، لكن رأس المال لا يكون فاعلا ومنتجا دون تفعيل دور الطاقة، كما أن توافر اليد العاملة أو حتى توافر الثروة الحيوانية يحتاج إلى الغذاء، فهو ضروري حتى للمجهود الذهني الذي يستهلك 30 في المائة من الطاقة في الطعام. إذا فالطاقة هي أساس حركة العالم.
لا يتم تناول ارتفاع أسعار النفط وآثارها الارتدادية بشكل موسع ضمن النقاشات الدولية التي تعالج التباطؤ الاقتصادي العالمي، لكن ارتفاع أسعار النفط كان عاملا مساهما في الأزمة المالية الأخيرة وغيرها من الأزمات التي شهدها العالم في السابق، ومع مرور الوقت، يزداد الدور السلبي وأثره خاصة مع توقع استمرار ارتفاع أسعار النفط، خاصة مع ارتفاع الطلب من الصين والدول النامية الذي وصل إلى مستويات توازي العرض في سوق النفط، بينما تنخفض تكلفة استكشاف حقول النفط الجديدة، لكن ذلك يأتي مع انخفاض مخزونات النفط الجديدة غير المستكشفة.
بالتوازي مع ارتفاع أسعار النفط، تنخفض أسعار الطاقة البديلة والمتجددة على غرار الطاقة الشمسية أو تلك المعتمدة على الرياح أو طاقة أمواج البحر، إضافة إلى انخفاض تكاليف تقنيات تعزيز كفاءة استهلاك الطاقة على غرار العزل الحراري والتخزين وغيرها، ويأتي ذلك مع اتساع حجم ودور هذه المصادر بالتوازي مع التطور الذي تشهده، ومن المتوقع أن يتواصل انخفاض أسعار الطاقة البديلة من توسع وارتفاع معدلات وقنوات إنتاجها.
ومع توجه أسعار الطاقة البديلة إلى مستويات توازي تكلفة الطاقة الكهربائية، بات من الضروري أخذ ارتفاع أسعار النفط بالتوازي مع انخفاض أسعار الطاقة البديلة بعين الاعتبار لدورها الحيوي في وضع الاقتصاد على طريق النمو المستدام.
ومع ارتفاع أسعار الطاقة التقليدية وانخفاض تكلفة نظيرتها البديلة، تبرز عديد من الفرص الاستثمارية على المدى الطويل، خاصة للمستثمرين الأذكياء للفوز بعوائد مالية مجزية.
يلعب القطاع الخاص دورا مهما في توجه التركيز على الطاقة البديلة، على الرغم من أن آليات استثمار رؤوس أموال ضخمة في مثل هذه المصادر ليست واضحة بالشكل الكامل بعد، حيث يكمن التحدي الرئيس في تطوير طريقة لربط القيمة السوقية الحالية مع الأصول غير القابلة للتسييل، أي إيجاد السوق للطاقة البديلة، لكنها ليست مستحيلة بالنسبة لـ "وول ستريت"، حيث تم تطبيق طرق مماثلة عبر الأوراق المالية المدعومة بالرهون العقارية من قبل مؤسسات مثل "سالمون براذرز" و"فيرست بوسطن" التي جنت أموالا هائلة نتيجة ذلك.
إن هذه السياسة تطبق من قبل صناديق رأس المال المخاطر وشركات التعدين وغيرها، وقد فشل البعض فيما نجح آخرون بما يبرر الوسيلة.
فالمشكلة تكمن في الجمع بين استثمارات تولد عوائد كبيرة، لكن متناقصة، وتمتد على المدى القصير، على غرار آبار النفط، مع الاستثمارات التي تولد عوائد ضئيلة، لكنها تنمو وترتفع تدريجيا على المدى الطويل، على غرار الزراعة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي