Author

الإقامة المميزة وأثرها في التستر التجاري

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية


التستر التجاري أو ما يسمى ممارسات أشبه بالاقتصاد الخفي يعد من المشكلات التي كان لها أثر سلبي في الاقتصاد الوطني إضافة إلى الفرص التي يمكن لكثير من الشباب الذين لديهم رغبة في ممارسة الأنشطة التجارية الاستفادة من الحركة التجارية الكبيرة في المملكة التي أصبحت تنمو بشكل جيد وتتيح فرصا كبيرة للمستثمرين من الشباب، إذ يبدأ البعض مشروعه ثم يواجه منافسة شرسة من قبل بعض القوى العاملة الأجنبية من خلال وجود كفيل يحصل منهم على مبلغ بصورة دورية ما أدى إلى فشل البعض في منافسة هذه المجموعات وبالتالي يضطر إلى تسليمه لهم مقابل أن يعوض جزءا من خسائره، ما حدا بالبعض إلى اليأس من ممارسة أي نشاط تجاري رغم حجم الفرص الموجودة في السوق.
ضرر التستر التجاري لا يقف عند مسألة مخالفة الأنظمة والتضييق على رجال الأعمال من المواطنين بل إن هناك أضرارا أكبر من ذلك حيث تنشأ مجموعة من الأنشطة غير المشروعة، وذلك أن الشخص عندما يأتي إلى المملكة للعمل فإن الدخل المتوقع محدود وبالتالي فإن امتلاكه مبالغ أكبر بكثير من راتبه سيؤدي إلى أن يكون محل مساءلة عن مصدر هذه الأموال وبالتالي سيبحث عن جهة أو شخص لتسهيل أمر تحويل ماله، ما يؤدي إلى وجود نشاط تجاري غير نظامي لتحويل الأموال يمكن أن يكون متاحا أيضا لأنشطة غير مشروعة.
التستر التجاري يمكن أن تكون له انعكاساته فيما يتعلق بجانب المسؤولية، حيث إن البعض يكفل شخصا ما على أن يكون عاملا في مؤسسته أو شركته وهذه الشركة أو المؤسسة ستكون لها أنشطة والتزامات وعقود، والمسؤولية ستكون على مالك الشركة أو المؤسسة لكن فعليا من يقوم بالعمل واتخاذ القرار الذي ستنشأ عنه المسؤولية هو الشخص المكفول الذي لا يتحمل نظاميا أي مسؤولية وبالتالي قد تنشأ لاحقا مجموعة من المخالفات التي سيتحمل مسؤوليتها من لم يتخذ القرار بسبب جهله وإهماله.
من الآثار السلبية للتستر عدم وجود الأمان لكثير من المستثمرين، فتخيل أن يبدأ المستثمر الأجنبي في السوق ويبدأ نشاطه في التوسع ويحقق أرباحا جيدة بشكل دوري، فمن الممكن أن يطلب الكفيل الاستحواذ على ذلك النشاط بالكامل ما سيؤثر في ثقة البعض بالتوسع في نشاطه داخل المملكة، ولذلك من المتوقع أن يتم تحويل هذا المال لبلاد أخرى لديها نوع من المرونة فيما يتعلق باستثمارات الأجانب، وبالتالي تفقد السوق كثيرا من الاستثمارات بل يمكن أن يكون في ذلك استنزاف للسيولة في السوق وهذا ما يفسر ضخامة حجم التحويلات للخارج.
في خبر نشرته صحيفة "الاقتصادية" جاء فيه أن مجلس الشورى وافق على مشروع النظام الخاص بالإقامة المميزة الذي يخص المقيمين في المملكة، وهو نظام يتفرع إلى نوعين من الإقامة المميزة أحدهما غير محدد المدة وبالتالي لا يحتاج إلى تجديد والآخر مؤقت لمدة سنة قابلة للتجديد، وذلك بدفع رسوم خاصة بمثل هذا النوع من الإقامة، وهذا النظام يتضمن مجموعة من الضوابط، ولا شك أن هذا النظام سيحل إشكاليات ويتيح فرصا جيدة خصوصا فيما يتعلق بالتوظيف للقوى العاملة الوطنية، إذ إن التعامل مع الشخص الذي يباشر النشاط فعليا سيكون أفضل بكثير من كفيله الذي يتخذ من الحيل وسيلة لتعظيم مكاسبه، كما أن ذلك أدعى للالتزام بصورة أكبر بالأنظمة المرعية في المملكة فيما يتعلق بالإجراءات التي تعزز الانضباط في الأنشطة التجارية، كما أنه سيحقق كثيرا من الاستقرار بصورة أكبر لكثير من الأنشطة التجارية في السوق ويجعل البعض يتوسع بصورة أكبر في نشاطه التجاري أو الصناعي بعيدا عن القلق الذي يمكن أن ينشأ بسبب نظام الكفيل، وقد تضمن النظام مجموعة من الضوابط الجيدة ولو تضمن شيئا يتعلق بتعلم جزء من قيم وثقافة وتاريخ المجتمع إضافة إلى بعض الأنظمة العامة خصوصا فيما يتعلق بالنشاط الذي يريد أن يمارسه أو يعمل فيه داخل المملكة لكان في ذلك فائدة كبيرة.
الخلاصة: إن وجود نظام للإقامة يناسب فئة من القوى العاملة المميزة ورجال الأعمال المقيمين يمكن أن يكون له أثر كبير في الحد من السلبيات الخاصة بالتستر إضافة إلى أن ذلك يمكن أن يحقق لهم الاطمئنان على استثماراتهم، ما يعزز فرص توسعهم في هذه الأنشطة في المملكة.

إنشرها