Author

الأسر في السعودية وكفاءة إدارة مواردها

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية


تقرير مهم أصدرته الهيئة العامة للإحصاء عن مستوى الإنفاق للأسر السعودية والأسر عامة في المملكة، وهذا التقرير يرصد مستوى الإيرادات التي تحصل عليها الأسر والمصروفات الشهرية. وكما نشرت صحيفة "الاقتصادية" التقرير في عددها الصادر يوم الأربعاء الأول من أيار (مايو) 2019 وجاء فيه: "وقد أظهرت نتائج مسح دخل وإنفاق الأسرة 2018 أن متوسط الدخل الشهري للأسرة بلغ (11,984) ريالا، بينما بلغ متوسط الدخل الشهري للأسرة السعودية (14,823) ريالا. وكشفتْ نتائج المسح أن متوسط الدخل الشهري "للأفراد ذوي الدخل" قد بلغ (6,346) ريالا، في حين بلغ متوسط الدخل الشهري "للأفراد السعوديين ذوي الدخل" (7,940) ريالا، وفيما يتعلق بالإنفاق فقد بلغ متوسط الإنفاق الشهري للأسرة في المملكة (12,818) ريالا، في حين بلغ متوسط الإنفاق الشهري للأسرة السعودية (16,125) ريالا، وبلغ متوسط الإنفاق "الاستهلاكي" الشهري (11,728) ريالا، في حين بلغ متوسط الإنفاق "الاستهلاكي" الشهري للأسرة السعودية (14,584) ريالا".
هذا التقرير يحمل مجموعة من المؤشرات التي ينبغي العمل عليها لتصحيح الحال القائمة في الأسر إذ إن مستوى الإنفاق إذا ما زاد على مستوى الدخل فإن ذلك يدل على أن هناك مديونيات مستمرة على المواطن تفوق دخله وهذا من شأنه أن يؤدي إلى حالة من العجز مستقبلا عن تلبية الفرد لاحتياجاته إذ إن من غير الممكن الاستمرار في المبالغة في الإنفاق دون الأخذ في الحسبان بمستوى الدخل لكل مواطن. ومن هنا يمكن النظر إلى مجموعة من الأمور التي تدفع بهذا الإنفاق الهائل لدى الأسر في المملكة ومنها مسألة الإسراف، والإسراف لا يقصد به شكل واحد من السلوك الذي يحصل فيه الهدر فيما يتعلق بالأطعمة الذي هو أيضا يمثل مشكلة حاليا، حيث تشير بعض الإحصاءات إلى أن الهدر فيما يتعلق بالطعام في المملكة يصل إلى 30 في المائة، إلا أن الهدر يأخذ أشكالا أخرى مثل ما يتعلق بالمبالغة في استهلاك الخدمات مثل الطاقة والوقود والماء، إضافة إلى خدمات مثل الاتصالات وغيرها، ما يطلب فيه الفرد أكثر من حاجته، فهو لا يحقق حينها أي نوع من الرفاهية بقد ما يهدر كثيرا من الثروة ويدفع مزيدا من المال دون منفعة متحققة فعليا، ومن صور الهدر المبالغة في الإنفاق على الكماليات والمناسبات، حيث إن البعض ينفق على أشياء كثيرة يمكن له الاستغناء عنها أو الحصول على البدائل بتكلفة أقل، ومن الأمور التي ينبغي الإشارة إليها خصوصا مع شمول هذا التقرير دخل الأسر بصورة عامة بما يشمل أفرادها العاملين خصوصا مع الدعم الحكومي الكبير لتوطين الوظائف للمواطنين والمواطنات على حد سواء فإن هذا من شأنه أن يزيد موارد الأسر ولكن هذا من شأنه أن يجعل هناك نوعا من التعاون داخل الأسر في المشاركة في مصروفات المنزل بدلا من أن يكون العبء على رب الأسرة في حين أن بقية الأسرة لا تشعر بأي مسؤولية تجاه مصروفات المنزل، وبالتالي فإن ذلك يشجع بصورة أكبر على إنفاقهم أكثر على الكماليات، والمبالغة في الإنفاق على سلع بالاقتراض مثل المركبات التي يشتريها بعضهم بأسعار مرتفعة بالاقتراض.
هذا التقرير مؤشر يدعو إلى العمل داخل الأسر على مسألة الوعي المالي والحرص على الترشيد والادخار واستثمار ما يتم ادخاره، ولعل هناك مجموعة من البرامج التي يمكن تعزيزها مثل برامج الادخار التي يمكن أن تقدم من قبل جهات العمل، أو على سبيل المثال برنامج ادخاري استثماري يمكن الفرد من الحصول على جزء من قيمة منزل يمكن أن يتحول إلى مقدم لشراء منزل خلال ثلاث سنوات على سبيل المثال، كما لابد أن يشعر الفرد عندما يمارس الادخار وتنمية مدخراته أنه يمارس سلوكا إيجابيا وأن ذلك يمثل الشخصية المثالية وليس من يبالغ في إظهار نفسه بممتلكات باهظة الثمن.
الخلاصة: إن التقرير الذي أصدرته الهيئة العامة للإحصاء مؤشر يدعو إلى العمل على تشجيع السلوك الرشيد في الإنفاق داخل الأسر السعودية التي يمكن أن تدفعها المبالغة في الاستهلاك والإنفاق على ظروف مالية صعبة في المستقبل وينظر دائما إلى الإعانات والدعم الحكومي بدلا من أن يكون لديه وفرة حقيقية يمكن أن تنمي إيراداته مستقبلا.
ولا أنسى في هذا المقال الإشادة بجهود رجال الأمن البواسل في وأد كل صور الإرهاب في مهدها، والإسهام بعد الله في حماية المواطن وشعوره بالأمن في ظل التقلبات الموجودة في المنطقة، ورغم جهود أعداء هذا البلد الكريم في الإضرار به إلا أن الله حفظه بحكومة حريصة على أمنه تبذل كل السبل لذلك وتضرب بيد من حديد كل من يجرؤ على تهديد أمنها أو أمننا كمواطنين أو مقيمين في هذا البلد الكريم، ورجال أمن جعلوا على عاتقهم مسؤولية أن ينام كل مواطن ومقيم في بيته آمنا.

إنشرها