ولدي والسكر

تعودت أن أسمح لأبنائي بمشاهدة الأفلام بصحبتي، وذات مساء أشغلتني فكرة ذكرها صديق عن حال ابنه الذي اعترف له باعتراف خطير لم يكن يتوقعه. يقول الصديق إن ابنه كان يشاهد معه أحد الأفلام، وكان من المقاطع منظر لشخص يتعاطى مادة الكوكايين المخدرة، فنظر في وجه أبيه وقال: أذكر أنني في طفولتي شاهدت مقطعا كهذا ولفرط رغبتي في تجربة ما فعله الممثل توجهت للمطبخ في غفلة منكم وأخرجت بعض السكر وقمت بطحنه ثم جربت استنشاقه، وكانت تجربة مؤلمة لم يكررها الولد.
بعد سماع القصة حمدت الله أن أبنائي لم يقعوا ضحايا لمثل هذا المشهد وغيره مما يمكن أن يدمر حياتهم. أردت أن أشارك القراء هذه القصة رغبة في التنبيه لخطورة ما يشاهده الأبناء والبنات على الشاشات، وهذا الأمر ينطبق على أمور كثيرة أخرى هذا فقط مثال لها. لعل الربط بين ما قيل هنا وما يمارسه الأبناء والبنات من تعامل يومي مع البرامج والألعاب الخطيرة، مهم للتوعية بما يمكن أن تؤدي إليه عمليات الاستكشاف هذه، دون أن يكون هناك رصيد من القيم والثبات المبدئي لدى الجميع.
الانكشاف يطول الكبار والصغار، وخطره الكامن يطول الفئات كلها، وهو يعني بكل بساطة أنه يجب أن نتوقف عند كل سلوك وتعاملنا معه في هذا الوقت بالذات لضمان قدرة المتعامل مع التبعات التي يمكن أن يؤدي إليها ما يتعرض له. كثير من القيم والمفاهيم تخضع اليوم لعمليات غربلة واسعة بسبب تعقيد المفاهيم وسطوة العالم الافتراضي التي لا ترحم.
هنا نراجع كثيرا من الجرائم التي أصابت المجتمع في مقتل، وكثيرا مما يمكن أن يحدث في المقبل من الأيام لنؤكد على ضرورات أساسية إذا كنا بصدد حماية حقيقية للوطن وأبنائه وبناته. كل واحد منا يمكن أن يسرد كثيرا من الوقائع التي أرقت المجتمع وأدت إلى مخاوف أعلنها الجميع من التفاقم والانتشار.
هذا يعني أن نعيد ترتيب أولويات المفاهيم التي نحتاج إلى تنميتها لدى الصغار المراهقين بما يضمن الشفافية التامة، والتفاهم العام بين كل مكونات المجتمع، وإنهاء مواقف مجتمعية يضع فيها بعض الأشخاص أنفسهم فوق الشبهات خصوصا قدوات المجتمع والعمل على دعم تعميم مفاهيم التفكير والانفتاح والتفاهم لدى الجميع بدلا من اللجوء إلى إخفاء الحقائق ولوم الآخرين. 

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي