Author

"المفطن" و"المفطنة"

|

رسالة جميلة وصلتني على الـ"واتساب" من سيدة فاضلة تقول: "نحن خمس أخوات وأربعة إخوان ربتنا والدتي -أطال الله في عمرها- على محبة بعضنا بعضا، والوقوف بجوار بعضنا البعض في الأزمات والأحوال السيئة، لا تمر مناسبة اجتماعية إلا ونجتمع فيها، ولا تكاد تكون "عزومة" في بيت أحدنا من الإخوان أو الأخوات إلا ونتشارك فيها ونتعاون، أطفالنا الصغار تعودوا على وجودهم معا، كم من ليلة سهروا وسهرنا معهم في بيت أمي، وكم مرة خرجنا سويا في "كشتة بر" جميلة، وكم تشاركنا معا في حفلات نجاحهم وتخرجهم، ولكن من قال، إن الزمن لا يمر، والصغير لا يكبر؟، كبر أبناؤنا وبناتنا وكبرت معهم عادة قبيحة أسهمت في تشتتنا وتقطع أواصر الأخوة فيما بيننا، وهي عادة "التفطين"، تبدأ "المفطنة" و"المفطن" بلفت نظر آبائهم وأمهاتهم أن ذلك الأخ أو تلك الأخت تهمزها وتلمزها بكلمة ما، أو تقلل من قيمتها واحترامها، وتبدأ في الوسوسة لأمها أن أخيها أو أختها "حاقرتها" لأنها لم تدعها لمناسبة ما أو لم تتصل عليها أو.. أو.. أو، وشيئا فشيئا يبدأ الإخوان والأخوات في الإنصات لبناتهم وأبنائهم، والتفكير فيما يقولونه بكثير من سوء النية، والتركيز على الصغائر، ثم تبدأ الأفكار السوداء في "التعشيش" بالعقول، وفحص كل شاردة وواردة من الكلام والأفعال والإشارات، بل والتدخل حتى في النيات!
في نهاية الأمر سيحظى الإخوة والأخوات بعلاقات هشة سقيمة جارحة ومؤلمة، وبفضل كل هذا الشحن السلبي الذي يمارسه "المفطن" و"المفطنة" ستكون اجتماعاتهم عبارة عن حلبة مصارعة للقيل والقال والتبريرات، وفي النهاية ستزداد الكراهية بينهم وربما أدى ذلك إلى القطيعة وانفصام عرى الأخوة.!
ــ لذلك وقبل أن يكبر "المفطن" و"المفطنة" علموا جميع أبنائكم وبناتكم ألا يتدخلوا في علاقاتكم كإخوة وأخوات، فأنتم لعبتم وأكلتم وكبرتم معا وتقاسمتم نفس الذكريات والأحلام والمنزل والرحم، وستكملون المشوار معا.!
ــ علموا أبناءكم وبناتكم أن الأخ والأخت لا يعوضان، فهما العكازان في العثرات والهموم والليالي السوداء، حتى لحظة سقوطك ستقول "أخ" ستنطق اسمه رغما عنك لأنه هو من "سيتلقفك" قبل أن تهشم الأرض جسدك.!
ــ علموا أبناءكم أن إخوانكم وأخواتكم خط أحمر لا يسمح لهم بالعبور فوقه.. فلا شيء يعوض فقدان الأخ والأخت.
لأننا لا نرغب -حقا- في أن نكون مجرد إخوان "بالبطاقة".!

اخر مقالات الكاتب

إنشرها