السعودية ومصر .. تطابق الرؤى والأهداف

زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لمصر، هي في الواقع جزء أصيل من عملية التطوير المستمرة للعلاقات الأخوية التي تجمع الرياض بالقاهرة. وهذه العلاقات استراتيجية، وطيدة، متعاظمة، تجمع بلدين محوريين على الساحات العربية والإقليمية والدولية، تستند في الأساس إلى تاريخ ضارب في العمق. وهي من تلك العلاقات التي تجدد نفسها، وتلقى دعما لا محدودا دائما من طرفيها. فكيف الحال بزيارة على مستوى ولي العهد للقاهرة، ضمن جولة مهمة زار فيها الإمارات والبحرين. هذا المستوى لا يدخل فقط في الجانب البروتوكولي، بل يشمل في الأساس الجوانب الخاصة بالاستراتيجية الثنائية حول عدد من القضايا، سواء تلك التي تخص الطرفين، أو التي تهم المنطقة والعالم.
من هنا، فإن الوفد الذي رافق الأمير محمد بن سلمان في هذه الزيارة، يضم عددا من المسؤولين والمختصين لتطوير ما هو قائم من روابط بين البلدين، فضلا عن إطلاق أدوات جديدة تضمن مزيدا من هذا التطوير على المدى البعيد. فالأبعاد السياسية والاقتصادية والاستراتيجية عالية القيمة، والطروحات التي تستند إلى الثوابت، وتلك التي ترتبط بالمتغيرات كثيرة تحتاج دائما إلى مراجعة على مستوى القمة بين هذين البلدين الشقيقين. ولذلك كانت كل القضايا حاضرة في لقاء الأمير محمد بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي. من القضايا الاقتصادية التي تستند إلى التعاون الثنائي، إلى الأزمات التي تشهدها المنطقة بشكل عام، بما في ذلك التدخل الإيراني التخريبي هنا وهناك، فضلا عن طرح الأفكار الجديدة التي تسهم في إيجاد حلول واقعية لهذه الأزمات، ولا سيما عندما تكون الأدوات حاضرة.
العلاقات السعودية - المصرية مرت بمراحل مختلفة، ودائما ما كانت تمضي من حسن إلى أحسن، ومن مرحلة محورية إلى أخرى. ولذلك نجد أن الاتفاقيات التي تستند في الواقع إلى تنمية العلاقات تمضي قدما، في حين طرحت أفكار لمشاريع جديدة خلال زيارة ولي العهد. ناهيك عن تلك المشاريع الخاصة بالتنمية على الساحة الإفريقية نفسها، حيث تشترك الرياض والقاهرة فيها، تعملان على رفع مخرجاتها بما يضمن تحقيق الأهداف كلها. وفي هذا المجال، تمثل "رؤية المملكة 2030" مجالا واسعا إلى دعم العلاقات مع مصر، تماما كما تفعل مع بقية دول العالم. أي أن الفرص والمشاريع والساحة حاضرة للتعاون على مختلف المستويات، بصرف النظر عن حجم المشاركة في هذا المشروع أو ذاك.
الهموم السياسية كانت على رأس أولويات المحادثات بين الأمير محمد والرئيس المصري، خصوصا تلك المتفاعلة، فالجانبان يتمسكان -كما في السابق- بضرورة الحل السياسي في اليمن، وقطع يد إيران التخريبية نهائيا في هذا البلد ومنعها من استخدام العبث لزعزعة أمن المنطقة واستقرارها، كما يتفقان على الحلول السياسية لكل المشكلات العالقة في المنطقة، على اعتبار أنها تضمن عدم وقوع خسائر لا تصيب في الواقع إلا الشعوب. مع ضرورة التأكيد على مواقف السعودية والإمارات ومصر والبحرين على أن تفي قطر بكل المطالب التي أطلقتها هذه الدول من أجل أن تعود عضوا عربيا خليجيا طبيعيا.
زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لمصر، ستدفع بمزيد من التعاون إلى الأمام، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي، كما أنها تعزز مسيرة هذا التعاون وفق أسس استراتيجية أخوية عالية الجودة والعوائد على شعبي البلدين، بل شعوب المنطقة كلها. إنها من تلك الزيارات التي تتجاوز آثارها زمنها إلى زمن مقبل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي