Author

قناة الجزيرة .. النائحة المستأجرة

|
ترددت كثيرا قبل كتابة هذا المقال؛ لأنني لا أريد إقحام نفسي في الأمور السياسية، التي أعترف بأنني لست من متابعيها، ولا تستهويني أخبارها، لكن حين يرتفع النباح الإعلامي، ويزعجنا صوت "طقطقة" عنق المهنية الإعلامية وقناة الجزيرة "تلويه" ليكون وسيلة ابتزاز وضغط للوصول إلى غاياتها الدنيئة.. هنا رأيت أن الأوان قد آن لمثل هذا المقال. تقول العرب قديما: "النائحة المستأجرة ليست كالنائحة الثكلى"، فالأولى تمتلك دموع التماسيح، وتذرفها بمقدار ما سيتم الدفع لها، أما الأخرى فدموعها حرى صادقة تنهال من روحها المتشحة بالحزن، وقناة الجزيرة كالنائحة المستأجرة، التي يعلو يوميا صوت نياحها، لا حزنا على الصحافي السعودي جمال خاشقجي - رحمه الله -، بل للوصول إلى غايات مخطط لها. من المتعارف عليه أن السكينة تتنزل على أهل الميت بعد اليوم الثالث عند انتهاء أيام العزاء الصعبة، فيعودون شيئا فشيئا إلى حياتهم الروتينية، وإن بقي الحزن في القلب والروح، لكن قناة الجزيرة تعدت هذه المرحلة بفارق زمني تستحق معه دخول موسوعة جينيس. فمنذ أكثر من شهرين وهي تلطم في سرادقات عزائها، وتنوح و"تتلقط" الأخبار، وتضخم الأكاذيب، وتعزف على أوتار الرحمة والإنسانية، وتحاول "شب" نار الفتنة والشك وتأليب الرأي العام العالمي ضد المملكة، لكن رغم كل محاولاتها البائسة التي تعيد إلى الأذهان مؤامرات يهود المدينة في بداية الإسلام، إلا أن العالم أصبح ينظر بكثير من الاحترام لشفافية تعاطي الحكومة السعودية مع هذه الجريمة، التي نتفق جميعنا على مدى بشاعتها، وأعتقد أن الاعتراف بحدوث هذه الجريمة في حد ذاته يدل على شجاعة عظيمة لا تفعلها كثير من الدول، التي تغتال معارضيها، وتعدمهم، وتخفي كل دليل وراءها "ولا من شاف ولا من درى". هذا النباح الإعلامي الذي تمارسه قناة الجزيرة يوميا، لن يجعلنا نصدق ولو لوهلة واحدة أن الدافع إليه محبتها الصحافي السعودي جمال خاشقجي، هي على قول إخواننا المصريين: "ما صدقت تلقى جنازة وتشبع فيها لطم". أصبحت قناة الجزيرة مثيرة للشفقة هي ومذيعوها، فبقدر ما يلطمون وينوحون بقدر ما تأتي النتائج عكسية. مشكلتهم أنهم يتعاملون مع العقلية العربية القديمة، التي كانت أساليب النباح والصراخ وقلب الحقائق والأكاذيب تنطلي عليها، لم يدركوا بعد أن الوعي العربي تعدى تلك الفترة بمراحل. أما أكبر لطمة حقيقية لـ"الجزيرة"، فهي الموقف المشرف لصلاح جمال خاشقجي وأسرته الكريمة التي أثبتت وطنيتها وولاءها وثقتها بقيادة وطنها وحكومته. ولا عزاء للنائحة المستأجرة.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها