إصدارات الدين السعودية .. ترقية وراء أخرى

إدراج مؤشر "جي بي مورجان" للأسواق الناشئة، إصدارات السعودية لم يكن مفاجئا. بل كان متوقعا، استنادا إلى التطورات التي تشهدها الساحة في المملكة على الصعيد الاقتصادي، من خلال "رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول المصاحب لها. والحق أن السوق السعودية دخلت مؤشرات أخرى مختلفة في الآونة الأخيرة انطلاقا من مكانة الاقتصاد الوطني بشكل عام. بينما تتوقع دوائر اقتصادية دولية أن يحقق الاقتصاد قفزات نوعية في المرحلة المقبلة، الأمر الذي سيدعم مكانة البلاد على الساحة الاقتصادية الدولية أكثر وأكثر. وإدراج "جي بي مورجان" الأخير، ليس إلا حلقة أخرى من حلقات النجاح التي تحققها الاستراتيجية الاقتصادية السعودية الراهنة. فكل شيء مرتبط بهذه الاستراتيجية، وفي المقدمة يأتي الجانب الخاص في اقتصاد مستدام متنوع العوائد والقطاعات.
الخطوة التي أقدم عليها "جي بي مورجان"، ستؤدي إلى تدفقات مالية تصل إلى 11 مليار دولار، علما أن إصدارات المملكة ستشكل 3.1 في المائة من وزن المؤشرات، والإدراج المشار إليه سيدعم قاعدة المستثمرين لإصدارات الحكومة، وإصدارات الشركات المملوكة لها، وتحسين مستويات السيولة. والحق أن الخطوة المشار إليها ما كانت لتتم لولا المبادرات الاستراتيجية لمكتب إدارة الدين العام التابع لوزارة المالية. والهدف من هذه المبادرات هو ضمان استدامة وصول السعودية لأسواق الدين العالمية. واللافت أن هذه الترقية المهمة، تأتي بعد أقل من عامين فقط على إصدار المملكة السندات الدولية، ما يؤكد مجددا الثقة التي تتمتع بها البلاد على الساحة العالمية من كل النواحي، السياسية والاقتصادية وغيرهما.
والتطوير المالي هو المحور الرئيس في "رؤية المملكة 2030"، ويتضمن كثيرا من الساحات المنتجة ومن بينها السندات. ومن أولويات "الرؤية" أيضا رفع مستوى السيولة وتسهيل وصول رؤوس الأموال الكبيرة إلى الأسواق العالمية. وفي المرحلة المقبلة سيشهد هذا الجانب قفزات كبيرة، سواء من خلال الترقيات العالمية، أو من جهة التنوع في الإصدارات. وتظل السوق المالية هدفا رئيسا للقيادة السعودية، التي لا تقوم فقط بتطوير القطاعات الموجودة أساسا، بل تمضي قدما في استحداث أخرى جديدة توائم أهداف "الرؤية" والتحول، وتتماشى مع المتغيرات والتطورات على الساحة العالمية بشكل عام. واللافت أن المبادرات التي تقوم بها بهذا الخصوص، تلقى اهتماما عالميا كبيرا، يوازي في الواقع الاهتمام الدولي بالاستراتيجية الشاملة للبلاد.
في غضون تسعة أشهر سيستكمل إدراج "جي بي مورجان" لإصدارات الدين السعودية ضمن مؤشراتها للأسواق الناشئة. وتتوقع دوائر أجنبية مختلفة أن ترتفع مستويات التدفقات المالية في الأعوام القليلة المقبلة، بما يعزز السيولة المطلوبة. والسيولة تمثل "كما هو معروف" حجر الزاوية في عملية البناء الاقتصادي. إن المملكة تعيش مرحلة تحولات محورية كبيرة. تحولات من تلك التي تصب في صلب الأهداف التي وضعتها القيادة العليا. ومن أهم ما يرفد الحراكين المالي والاقتصادي في السعودية، أن القيادة هي نفسها التي تشرف بصورة مباشرة على ما يجري، بعد أن وضعت معايير عالية الجودة، ليس فقط للإنجاز بل للعوائد. فالاقتصاد السعودي الجديد يستند إلى كل الروافد الممكنة، والمملكة لديها من الروافد كثير، ومن السمعة العالية كثير جدا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي