اليوم الوطني .. وتكريس المنجزات

تحتفل المملكة باليوم الوطني الـ 88 الذي يسطر وسط أجواء ملحمة فريدة من الوحدة الوطنية والتلاحم النادر بين القيادة والشعب، سبعة ملوك جعلوا من العيش والعمل في هذه الصحراء أمنية وحلما لمعظم شعوب العالم. بعد أن كانت مكانا موحشا مليئا بالصراعات والنزاعات القبلية التي وثق بعضا منها الرحالة والمستشرقون الذين عاصروا الجزيرة العربية قبل توحيدها على يد "الملك عبد العزيز" ووصفوها بألفاظ عجيبة مثل صحراء الشر أو جزيرة الموت، أو أرض الصراعات، وهذه الأوصاف ليس فيها مبالغة. بعد أن شاهدوا الفقر، والجفاف، والجهل، وانعدام الموارد، والصراعات القبلية، التي كانت سائدة ومؤثرة في حياة أبناء الجزيرة في حقبة ما قبل التوحيد.
احتفالات اليوم الوطني خلال اليومين الماضيين كانت طبيعية وعفوية فالشباب والأطفال والنساء ومؤسسات الدولة الأهلية والحكومية والمدارس والجامعات في حالة تفاعل ملموس يعبر بصدق عن انتماء أبناء هذه الأرض الطاهرة دون مبالغات، ولا مزايدات، وكل هؤلاء المحتفلين في شرق المملكة وغربها أو جنوبها وشمالها كانوا يتنافسون بكل ألوان الإبداع للتعبير عن الحب الفطري والوفاء لقيادة عظيمة تبذل كثيرا لراحة شعبها. وما زلت أكرر ما طالبت به سابقا أن يستثمر هذا التفاعل الشعبي في اليوم الوطني بما يعزز جهود الدولة، حيث أتمنى أن يصاحب هذا اليوم تكريم سنوي لرجال الدولة الأوفياء الذين سطروا إنجازات بارزة في المجالات العلمية، والثقافية، والسياسية والعسكرية، ليكون ذلك قدوة للأجيال الشابة التي تكمل مسيرة العطاء والإنجاز. ولو استثمر اليوم الوطني لتكريم المؤسسات الوطنية الحكومية أو الأهلية التي ترتقي بخدماتها وتكون نموذجا لغيرها فسيكون ذلك أمرا ذا أهمية بالغة في تكريس ثقافة الإنجاز والجودة وقيادة التغيير والتطوير. أما على مستوى المؤسسات الخاصة فلا بد من إعادة تنشيط مفهوم المسؤولية الاجتماعية ليكون البعد الوطني حاضرا في برامجهم بعيدا عن الأهداف التسويقية المستهلكة، فتكريم شهداء الوطن، ومرابطي الحدود، والتوسع في بناء المدارس ومعاهد التدريب، ومراكز الأحياء، ودور الأيتام، ودعم الجمعيات الخيرية، وغيرها، كلها من أساسيات العمل الوطني الذي يحتاج إلى مساهمات فاعلة من المؤسسات الخاصة لتكمل الدور الحكومي. إننا نملك وطنا عظيما لا تصفه الكلمات فهو موطن الحضارات ومنطلق الفتوحات، ماضيا وحاضرا يقود وطننا بقيادته حضورا مؤثرا على المستوى العالمي في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والإنسانية، ولا يعرف قيمة هذا الوطن إلا من جرب أن يعيش خارجه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي