صيف العمارة

عرضت علي ابنتي الخروج عصر الخميس لشراء بعض متطلبات المنزل من السوق المجاورة، فرفضت بشدة لأنني قررت أن هذا هو اليوم العالمي للبقاء داخل المنزل مع درجة الحرارة التي تجاوزت 46 درجة مئوية ومع الرأفة بحال ذاتي تذكرت أننا لا نزال في بداية فصل الصيف ومدينتي ليست الأعلى حرارة في العالم على أي حال. في الأثناء قرأت نتيجة إحصائية قدمتها محطة بيلاسيرفيلي للرصد في كاليفورنيا، حيث تأكد لي أن المعاناة التي نعيشها كل صيف هي جزء من معاناة مدن عربية أخرى بل إن الإحصائية وضعت ثماني مدن عراقية ضمن الأكثر حرارة على مستوى العالم. تصدرت العمارة التي بلغت الحرارة فيها يوم الخميس 52 درجة مئوية، حيث قرر مجلس المدينة إعفاء الناس من العمل خوفاً على حياتهم.
الواقع أن المدن من هذا النوع إن لم يتوافر لساكنيها كمية كافية من الطاقة الكهربائية والتجهيزات اللازمة فهي معرضة فعلاً لحدوث كوارث إنسانية. ولهذا فشكوى الناس من درجات الحرارة الخيالية هذه مبررة وهي تستدعي حتى التغيير في نمط العمل والحياة. حتى ساعات الدوام يمكن أن تتغير اعتمادا على هذه الحقيقة.
من الدروس التي شاهدتها في مدينة باريس هو القرار العام أن تكون الإجازة السنوية لأغلب الأعمال في آب (أغسطس) وهو الأشد حرارة بلا شك. المقلق في الموضوع هو أن درجة الحرارة في هذه المدينة لم تتجاوز الـ32 في أشد الأحوال فكيف بنا نحن من نعيش في درجات حرارة تعادل نصف درجة الغليان؟
بالأمس قرأت عن وفاة أربعة أشخاص في كندا بسبب وصول درجة الحرارة إلى 34 درجة مئوية، وهو خبر مضحك بالنسبة لمن يعتبرون هذه الدرجة مبشرة بالشتاء كمناطق الساحل الغربي من جدة جنوبا.
التوقعات تضع صيف هذا العام في مصاف الأشد حرارة على مستوى العالم وعلى مدى قرون عديدة، وهذا ما يمكن أن يفصل فيه المختصون في مجال البيئة والجغرافيا والفيزياء. ومن أكثر المهتمين في المجال آل جور نائب الرئيس الأمريكي السابق الذي يجوب العالم محذرا من الاحتباس الحراري الذي يزداد أثره في درجات الحرارة وعلى كميات الأمطار والدفع بالتصحر للسيطرة على مزيد من المساحات على مستوى العالم، ولئن كانت المعلومات محدودة لدينا عن الأثر في بيئة المملكة، فما نشاهده من الحرائق في أغلب الدول التي كانت تغطيها الغابات واضح للعيان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي