حرق الكتب

ننادي بالسينما والفن والمسرح وحفلات الغناء، ونسينا أو تناسينا الملهم الأعظم وأساس كل إبداع ومفتاح كل باب "الكتاب"، فمنه ندخل إلى العوالم الأرحب أو نخرج من عوالم لا نرغب فيها، معه وحده تحلو العزلة!
بالأمس القريب، احتفل العالم باليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف لعام 2018 تحت شعار "القراءة .. إنها حق". لقد كان أمر الله الأول الذي تنزل على رسوله الكريم محمد ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ هو "اقرأ".
وقيل في القراءة، "القراءة تصنع الرجال" ـــ فرانسيس بيكون، ورجال هنا لا تخص الذكور، كما أظن.
أما فولتير، فيقول "يقود الأمم هؤلاء الذين يقرأون ويكتبون". وقيل لأرسطو، "كيف تحكم على إنسان؟" فأجاب، "أسأله كم كتابا يقرأ وماذا يقرأ؟"، وقد تكون ماذا يقرأ ولمن، لأن هناك كتبا أشبه بتجميع مفردات لا أكثر ولا أقل. انظر إلى الكم الهائل من المؤلفين والكتب والكتيبات والقصص والروايات، لا تدري من أين بدأت ولا كيف انتهت، مزيج بين العامية والفصحى والحبكة الركيكة!
في عام 2015، أرادت مجموعة من المعارضين عمل احتفالية لحرق الكتب علنا، لاعتقادهم أنها سبب في التطرف، ليعيدوا إلى الذاكرة احتفاليات حرق الكتب في عصر ما قبل سقوط الأندلس، وفي عصور الظلام ومحاكم التفتيش في أوروبا، حينما كانوا يحرقون الكتب والمؤلف معا! أو خلال فترة الحكم النازي في ألمانيا في الثلاثينيات من القرن الماضي، عندما حاولوا الهيمنة على حرية الفكر البشري في مرحلة ما قبل إحراق ألمانيا وأوروبا والعالم بأسره خلال الحرب العالمية الثانية (1939ـ 1945). فهل أنتم مع فكرة حرق بعض الكتب لإيصال فكرة معينة أو الاعتراض على فكر سائد؟!
أم ترون أن الفكر يحارب بفكر مميز من خلال العناية بالكتاب ومحتواه، وذلك بوضع ضوابط ووسائل لحفظ حقوق المؤلف والناشر والقراء، ليصل الكتاب إلى أكبر شريحة ممكنة، وهذا ما ميز العاصمة العالمية للكتاب لهذا العام، العاصمة اليونانية أثينا بجودة أنشطتها، ودعمها لصناعة الكتب، وإتاحة الفرصة للجميع، مواطنين ومهاجرين ولاجئين للقراءة!
وتم اختيار يوم 23 نيسان (أبريل) للاحتفال باليوم العالمي للكتاب، كتاريخ رمزي في عالم الأدب العالمي. ففي هذا التاريخ من عام 1616، توفي كل من ميجيل دي سرفانتس ووليام شكسبير وألاينكا جارسيلاسو دي لافيجا. كما يصادف يوم 23 نيسان (أبريل) ذكرى ولادة ووفاة عدد من الأدباء المرموقين، مثل موريس درويون وفلاديمير نابوكوف. واختير هذا اليوم بالذات أيضا بسبب عادة قديمة بدأت في إسبانيا منذ عام 1923 في أحد الاحتفالات الكتالونية في بداية فصل الربيع، عندما كان الرجال يهدون زوجاتهم الزهور وتقوم النساء بإهداء أزواجهن كتابا بالمقابل!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي