المعالج يعالج

كثرت في الآونة الأخيرة مقاطع العلاج الطبيعي التي يدعيها كثير ممن يتكسبون من وراء العمل، أو "يجربون الحلاقة" في رؤوس المساكين الباحثين عن العلاج. المعلوم أن المريض يبحث عن العلاج كيفما وأينما كان، فالصحة تاج على رؤوس الأصحاء ويريد أن يشاركهم فيه كل من يعاني مرضا صغر أو كبر. هنا تستغل الرغبة الجامحة لدى الإنسان من قبل من يعتقدون أن هذا مصدر ممتاز للقمة العيش، أو من أوهمتهم أنفسهم أو الآخرون أن لديهم من المعرفة والمهارات ما يمكن أن تحقق الانتصار على الأمراض.
هذا كله بعيدا عن الاعتراف بالشهادات العلمية، والسنوات التي يقضيها طالب العلم الطبي في الجامعات. إن التجاوز الخطير الذي يمنح من خلاله أي إنسان نفسه حق التنظير والتشريح والسير على ظهور الناس وتكسير عظامهم وإصابتهم بالانزلاقات وتقطيع أعصابهم وشرايينهم، أمر لا بد من علاجه بطريقة أكثر تشددا.
يأتي في السياق الاعتراف بالطب الشعبي الذي لا يزال مجال نقاش طويل عندنا، رغم أن دولا أخرى تجاوزته، ليثير مزيدا من الخوف على المرضى ويدفعنا لطلب حقن دمائهم وحماية أجزاء أجسامهم التي يعرضونها على من لا علم لهم. هذا النقاش يجب أن ينتهي إلى حلول واقعية ومنطقية، وقد سبق إلى هذه الحلول العلم الطبي في دولة مثل الصين، التي أنشأت جامعات تخصصها الطب الشعبي الذي يعتمد على الأعشاب والعمليات اليدوية لمعالجة مختلف الأمراض التي يمكن أن يعالجها.
إن الحامي الأهم للمريض هو حصول من يدعي القدرة على العلاج على شهادة ممهورة بختم الوزارة تؤكد أنه يعالج فعلا من الأمراض التالية، وليس غيرها. ولئن بذلنا مزيدا من الجهد وأحيينا السنة النبوية في العلاج الطبيعي والعشبي، فيمكن أن تكون هناك كليات تدرس المادة وتمنح شهادات تسمح لحاملها بممارسة العلاج في عيادة رسمية معروفة المكان.
أما ما نشاهده كل يوم من إعلانات ودعوات عبر مختلف الوسائل التي لا تقع تحت سيطرة الوزارة فيجب أن يتوقف، وأنصح الوزارة بأن تقدم جائزة لكل من يبلغ عن أحد مدعي الطب الذين يمارسون العمل دون ترخيص. على أن الوزارة مسؤولة -في السياق نفسه- عن المبادرات التي تهدف لإيجاد الحلول وتوعية الناس والقبض على المخالفين بسرعة قبل أن يتأذى منهم خلق كثير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي