تفشي «الجرب» رغم السيطرة

لا شك أن مرض الجرب، الذي انتشر أخيرا في عدد من مدارس مكة المكرمة وانتقل منها إلى أكثر من مدينة، ليس بالمرض القاتل، وبالتالي، لن يكون مرعبا ومخيفا، فهو معد صحيح، لكن الشفاء منه مضمون ـــ بحول الله وقدرته ـــ متى ما التزم المريض بالدواء وتعليمات الطبيب المختص، لكن المخيف هي التصريحات التي نطالعها في الصحف من المسؤولين والجهات المسؤولة، التي تتنافى مع الواقع وما يحدث في المدارس، مثلا في السابع من نيسان (أبريل) الماضي، أي قبل ثلاثة أيام من كتابة المقال، غردت وزارة الصحة عبر حسابها في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، نافية تفشي المرض خارج حدود مكة لنكتشف لاحقا وبعد سويعات من التغريدة أن المرض قد وصل إلى الطائف والمدينة وجازان وحائل والرياض، ومن هنا يكون الخوف وعدم الاطمئنان وأيضا عدم الثقة بما تنقله الوزارة، على الرغم من الجهود التي تقوم بها، فلا يمكن أن يكون هناك حل للمشكلة ما لم يكن ثمة اعتراف بها، ولا يمكن أن يتوقف تفشي المرض ونحن ننفي تفشيه على الرغم من حدوثه.
أيضا وزارة التعليم ليست بمنأى، وتشاطر وزارة الصحة في "التخبط" الذي يخشاه الناس ويتخوفون منه. في بداية انتشار المرض خرج علينا مدير التعليم في المنطقة بتصريح قال فيه "الجرب.. تحت السيطرة"، لنكتشف بعدها ألا سيطرة هناك «ولا يحزنون»، بل إن المرض تفشى وانتشر بعد "السيطرة" التي تحدث عنها المسؤول بمعدلات أكبر مما هو قبل "السيطرة" .
الوضوح مع الناس مهم، وإطلاعهم على ما يحدث أهم، فهم شركاء في مساعي الوزارتين للسيطرة على المرض وإيقاف تفشيه، ولكن التعتيم على المرض ورمي التهم على البعض وتزيين أفعال البعض في الإعلام وبث صورة أو صورتين لفرق تفتش وتوعي في مدارس محدودة، لا يمكن أو يوقف المرض ولا يمكن أن يمنع انتقاله من مدينة لأخرى.
ما أعنيه أن المواطن شريك في أي أمر، فمن خلال الوضوح يمكن أن يسهم في إيقاف تفشي المرض، فمثلا عندما تخفي الصحة تفشي المرض وتقول إن الرياض لم يصلها المرض. هنا ولي الأمر لا يحذر ولا يطلب من أبنائه الحذر في المدرسة والوقاية بعد الخروج منها، وبالتالي، لن يتوقف انتشار المرض، ولكن الإعلان عن الحقيقة سيمكن الناس من الحذر وإرشاد أطفالهم وتوعيتهم بخصوص الوقاية من الجرب، وغيره من الأمراض التي يمكن أن تتفشى في مدارسنا وبين أطفالنا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي