من يوقف تشويه التجميل؟

كنت في مجلس "ديوانية" عامر بالمثقفين وكان محور الحديث عن الوضع الحالي في عالم التجميل ولسان حال من لم يتحدث يقول: أنتم معشر أطباء الجلدية والتجميل خدعتم بناتنا وشوهتم البعض الآخر، الذي لم يعجبني في الطرح هو التعميم، لأنه في أي مهنة يوجد متجاوزون فليس من العدل تعميم الخطأ، كنت في السابق إذا طرح مثل هذه المواضيع أحاور من ينتقد وأوضح لهم أن هؤلاء قلة ويجب نصحهم أو معاقبتهم على تجاوزاتهم. الهجوم كان قويا ويبدو أن هذه القلة بدأت تكثر لدرجة أن بعض أفراد المجتمع أصبح لا يثق بأطباء الجلدية والتجميل.
أوافق أن قلة وعي المريض وأيضا مبالغة بعض من الأطباء أدت إلى حدوث مضاعفات تجميلية تسببت في ضرر بعض المرضى. وإذا لا بد من حد انتشار هذه المشكلة على المستوى، الفردي، الحكومي والإعلامي.
طرحي كان موضوعيا، حيث إنني اعترفت بوجود المشكلة، إذا لا بد من البحث عن سبب هذه المشكلة.
أبدأ بالمريضات اللاتي بعضهن يعانين من مرض اسمه Dysmorphism باختصار هو أن ترى في وجهها العيب الذي لا يراه غيرها! فتطلب من استشاري التجميل ما لا يعقل وتكون سببا في زيادة ذلك التشويه، لأنها تبحث عن سراب جمالي لا ينتهي.
وأيضا مشاهير التواصل الاجتماعي "قليل منهم ومع الأسف لم يرع تلك الأمانة" فكان لهم دور كبير في تسويق ما لا يستحق، وكانت هناك عروض علاجية شبه مجانية لبعضهم في سبيل انتشار صوت وصورة ذلك الطبيب "المملوح" الذي لا ينقصه إلا الأمانة العلمية.
وأشكر المسؤولين الذين حاربوا ظهور أمثال هؤلاء القلة لعلهم يرتقوا بطروحاتهم لما قد يفيد "وأنا متأكد من صلاح قلوبهم ووطنيتهم لكنها الغفلة".
أما صيدلياتنا التي لا أدري متى يوجه المسؤولون لسعودتها، حيث المبالغة في الأسعار التي فضحهم فيها أحد مشاهير التواصل الاجتماعي حين نشر قيمة كريم تجميلي في السعودية ومثيله في صيدلية فرنسية ليوضح الفرق الكبير في السعر، وهذا أهون من بعضهم حين يشخص ويعالج شيخوخة الجلد بعد الفحص "وهو واقف أمام جهاز الكاشير"، كريمات وحبوب ينقصها الدراسات العلمية المحكمة وبأسعار باهظة، ما جعل قليلا من بناتنا يبحث وراء الكريمات الغالية اعتقادا منهن أنها أكثر فعالية.
"وأقولها وأكررها لبناتنا رفقا بآبائكن، فهناك أولويات مهمة في حسابات والدكن "المناضل" لكن عاطفة الأب تمنعه من رفض ما تردن".
أما زملائي الأطباء فقليل منهم أيضا يلعب دورا في التشويه من حيث لا يشعر فيستعجل الممارسة قبل التدريب ويبادر في شراء أجهزة ليزر غالية الثمن ضعيفة الفعالية "إن لم تكن معدومة"، ما يضطره للمبالغة بفائدتها للمريض حرصا منه على تسويقها وتعويض خسارته. وأصبح البعض يحرص على تسويق نفسه أكثر من تطوير علمه.
ولتسهيل مهمة اختيار الطبيب اقترح أن يحكم المرجع. يجب أن يكون هناك مرجعية للأطباء بتوضيح شهاداتهم وخبراتهم ولا بد من محكم لذلك. وبهذا سنحد من تجاوز بعض الأطباء في المبالغة بألقاب تضاف إليهم فلا يوجد من عقاب لمن يزين اسمه بشهادة وهمية أو عضوية لجمعيات طبية مدفوعة الثمن، وأقترح عرض جميع الخبرات والشهادات المحكمة التي تجعل المريض يختار طبيبه على بينة.
إذا المطلوب ثورة تصحيحية لهذا التشويه وعلى جميع المساهمين في ذلك أن نناصحهم أو نعاقبهم، وللحكومة والإعلام الدور الرئيس في التصحيح نحو طب تجميلي صادق فعال.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي