أطفالنا في الخارج

تابعت وسائل التواصل تصريحات لأم إندونيسية ذكرت أن ابنتها سعودية توفي أبوها قبل تسع سنوات في إندونيسيا. المتابعون أصبحوا بين مصدق ومكذب بعد أن انتشر مقطع ثان للأم تعيد فيه الإجابة عن أسئلة مواطن أراد أن يتأكد من صحة كلامها. بدا على الأم الارتباك والحيرة وعدم التركيز وهي تجيب عن الأسئلة بشكل يوحي أن معلوماتها غير دقيقة.
الأمر المهم في هذه المقاطع هو عدم وجود أي وثائق تثبت العلاقة بين الطفلة والأب المتوفى قبل ما يقارب العقد من الزمان. لا أدري إن كانت هناك وسائل للتعرف على حقيقة الأمر، لكن الموضوع في حد ذاته يفتح مجالات كبرى للتساؤل عن العلاقة التي تربط السعوديين بأطفال يعيشون في الخارج، وحجم هذه الحالات وطرق التأكد منها ومعالجتها.
أعرف أن هناك مجموعة من المؤسسات الخيرية العاملة في المجال تحاول استرجاع الأبناء والبنات الذين يعيشون في الخارج بعيدا عن أسرهم، بل إن هناك من يتبنون هؤلاء ويعطونهم فرصا تعليمية ووظيفية لم يكونوا يحلمون بها انطلاقا من واجب وطني. حضرت ذات مساء أحد احتفالات هذه الأسر الراعية بشباب من الفلبين هم أبناء لأسر سعودية وهو أمر جيد ويحتاج إلى مزيد من الدعم الرسمي والخيري.
ما ظهر خلال ذلك الحفل هو إشكالية العدد الكبير من هؤلاء الأطفال والشباب الذين ينتمون لأسر سعودية، لكنهم لا يملكون أي إثباتات يمكن أن تفيد في التعرف عليهم ومساعدتهم. تبذل السفارات في الخارج جهودا حثيثة في تسهيل عمليات إعادة هؤلاء الأطفال لأسرهم، لكن الشروط الموضوعة "وهي محقة في كثير من الأحيان" قد تحرم أعدادا غير قليلة من هذه الميزة المهمة.
نأتي للدور الحساس الذي يجب أن يسيطر على فكر وسلوك كل السعوديين الذين يذهبون إلى الخارج ويتزوجون، ثم يتركون المكان دون أن يهتموا لأمر ما يمكن أن يحدث بعدهم، وهو أمر جلل. لا بد أن يتحمل كل من يتصرف بطريقة معينة مسؤولية ونتائج تصرفاته بالكامل، ذلك أن هذا أمر شرعي وأخلاقي ـــ في الأساس ـــ ولا يمكن أن نغفله كمسلمين. إن ترك الأطفال لمصيرهم دون التأكد من مكان تربيتهم ومآلهم أمر في غاية الخطورة على الأب وكل من ينجب له من الأطفال ومسؤولية قد تطوله في الآخرة، فليتعظ كل مخالف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي