أزمة المشاهير

عندما حدثني أحد المستثمرين عن دفعه مبلغا كبيرا لأحد مشاهير مواقع التواصل ليقدم دعاية لمحله التجاري، توقعت أن الرجل يبتدع الفكرة من ذاته، لأكتشف بعد فترة أن الوضع عام وأن كثيرا من الشباب والفتيات الذين لا شغل لهم سوى عمل السنابات وتوزيعها هم فعلا وقود العمل الإعلاني الحديث الذي يعتمد على مواقع التواصل وسيلة للوصول إلى المستهلك المطلوب.
هذا النمط الجديد يبني على الشغل الشاغل للناس اليوم، وهو هذه الأجهزة الذكية التي تمكنت من قطع الكثير من العلاقات الاجتماعية وأسهمت في تكوين مجاميع أسرية وصداقات وتركيبات تواصلية لا يمكن حصر مداها ولا أثرها المجتمعي. الإعلان اليوم يبني على مجموعات صغيرة موجودة في مواقع متقاربة ومركزة حيث يستغل المشهور قاعدته الجماهيرية في تكوين شخصيته وإيصال الرسائل التي يرغبها وتحقق التأثير الذي يتمنى.
هؤلاء هم جزء من المجتمع الجديد الذي تكون ويستمر في التوسع والتأثير بل السيطرة على التفاعل والتخاطب المجتمعي، ولئن كان من يبحث عنهم الناس اليوم يقعون ضمن تصنيفات معينة قد لا تروق آخرين، إلا أن المشاهير يعطون الفكرة الحقيقية عن توجهات المجتمع واهتماماته وما يتجه نحوه من أفكار وأساليب حياة.
تلكم في - واقع الأمر – الوسيلة الأمضى لدى من يريد اختراق المجتمع سواء بفكرة أو نشاط إيجابي كان أو سلبيا. ذلك أن من يسيطرون على الفكر الجمعي لفئة أو فئات من المجتمع هو الذين يبنون الفكر وينشرون "التقليعات" وأساليب التفاعل. تأتي أهمية هؤلاء والبحث عن أصول فكرهم وأهدافهم لأن أثرهم يتركز في فئات المجتمع الأكثر تأثرا، والأسهل تشكيلا وتغييرا.
فئات الشباب والفتيات ومن يقعون ضمن المجموعة التي تسيطر عندها العاطفة هم مراكز النشاط الذي يمارس اليوم في وسائل التواصل ويسيطر فيه مجموعات المشاهير الذين قد تشهرهم أمور لا يمكن أن تؤثر في كبار السن، بل قد يحتقرها الكثيرون، لكنها سنة الحياة حيث تتغير المفاهيم والقناعات باستمرار.
قرأت عن تزاحم أعداد كبيرة من الشباب والفتيات في أحد أسواق الكويت حيث تواجد أحد هؤلاء، وتذكرت أهمية أن نبحث هذا التوجه الجديد الذي يجب أن نتفاعل معه ونتعرف على مزاياه وعيوبه، مغلبين المزايا ومتعاملين مع العيوب في محاولة لحفظ المجتمع من المشاهير الذين ينشرون السلبية والخطر في المجتمع وهم غير قليل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي