قطر .. تدهور اقتصادي ومالي

هل حان للقيادة القطرية أن تفيق من غيها وأن تكف عن المكابرة؟ فقد أعطتها دول "الرباعية العربية" كل الفرص الممكنة كي تستوعب المسار الخطر، الذي تندفع فيه وتدفع فيه شعبها إليه، ومنحتها شروطا واقعية أملتها طبيعة الألاعيب والمؤامرات والدسائس والأدوار الخبيثة التي أمعنت فيها القيادة القطرية؛ سواء بإيواء الإرهاب أو بتمويله أو بدعمه، ومضيها في مد أذرعها ليس فقط إلى دول الخليج العربي والشقيقة مصر؛ وإنما إلى دول عربية أخرى كالعراق وسورية وليبيا ولبنان وتونس. ومع ذلك كانت هذه القيادة طوال تلك المدة تزعم أن مقاطعة "الرباعية العربية" لها "حصار"، وفي الوقت نفسه تزعم أنها غير مكترثة بهذه المقاطعة وأنها لا تؤثر فيها بأي شكل من الأشكال، وراحت تلوح بالاستقواء بالعدو الإيراني وبالدولة التركية، وأخذت ترفع الصوت بأنها لا تعاني ومواطنوها أي قدر من العسر الاقتصادي أو الضائقة المالية، وأنها في أفضل أوضاعها الاقتصادية والمعيشية، وأن شعبها يعيش في بحبوحة ــ نحن أيضا نتمناها له ــ ولكنها مع الأسف أخذت تميل إلى ما يعكر معيشتهم التي اعتادوها وتقلقهم على يومهم وغدهم.
خلال الأيام القليلة الماضية كان حصاد البيدر الاقتصادي القطري خير دليل على ما كانت تتوخى حدوثه "الرباعية العربية"، فقد هبطت البورصة القطرية أمس إلى أدنى مستوى في ست سنوات، وسط مخاوف المستثمرين من تحول "إم إس سي آي" صوب استخدام أسعار الصرف في الخارج لتقييم السوق القطرية.
وتراجع المؤشر الرئيس للسوق القطرية 0.4 في المائة إلى مستوى إغلاق منخفض جديد في ست سنوات عند 7734 نقطة، مع هبوط أسهم "فودافون قطر" 2 في المائة.
وانخفضت السوق من جراء استخدام "إم إس سي آي" أسعار صرف العملة القطرية في الأسواق الخارجية لتقييم الأسهم القطرية، لصعوبة حصول المستثمرين الأجانب على الريال القطري.
وبدأ القطاع المصرفي القطري يشعر بحدة الأزمة، خاصة بعد سحب مستثمرين خليجيين ودائعهم من قطر، وتراجع السيولة وارتفاع تكلفة الحصول على التمويل بعد تخفيض التصنيف الائتماني للقطاع المصرفي القطري. وبدأت المصارف القطرية سعيها إلى الحصول على التمويل، بعد أن دعاها "المركزي القطري" إلى طرق باب الأسواق الخارجية، بدلا من الاعتماد بشكل رئيس على الدعم الحكومي.
من هنا يمكننا أن نقول.. إذا كان سعر صرف الريال القطري، وإذا كان مؤشر السوق المالية القطرية، وإذا كان البنك المركزي القطري، وإذا كان جمهور المواطنين القطريين، تعكس جميعها مؤشرات سلبية بل هي الأكثر سلبية على مدى تاريخ قطر الحديث، فلن يكون ذلك لسبب فني ولا لظرف حربي طارئ مثلا ولا لكارثة طبيعية، فقطر هي ذاتها بشعبها الشقيق وبمؤسساتها اليوم مثلما كانت بالأمس، لكن العامل الفاقع والمؤسف وراء كل هذا التدني السلبي في المستوى الاقتصادي الذي تعيشه قطر هذه الأيام، قيادة أمعنت في إدارة ظهرها للعدالة الدولية ولصوت الضمير ولنكران حق الشعب واستحقاقاته في العيش الكريم، فوجهت ثروته في دروب الشر لزرع الفتن والنزاعات وتأجيج الصراعات، والوقوف بكل وقاحة وراء زمر الإرهاب والمتطرفين بكل أشكالهم ومن كل شذاذ الأرض. هذا الأمر أدى إلى أن تقف منها أسرتها الخليجية في مجلس التعاون الخليجي موقفها الحازم، وأن يقف ضدها أيضا العالم الساعي إلى الأمن والاستقرار والسلام، وما كانت "الرباعية العربية" ممثلة بالسعودية والبحرين والإمارات ومصر، إلا واجهة الصمود والتصدي لهذه المكابرة من قبل القيادة القطرية، ولهذا التغطرس الجهول، فلم يفلح مع هذه القيادة لا النصح ولا التعاهد في مواثيق دولية اتفقت عليها دول العالم في مؤتمر الرياض.
وطبيعي أن يكون مؤدى هذا الفعل المشين للقيادة القطرية وبيلا، وهو إن برز بشكل حاد وواضح في المستوى المتدني في صرف الريال القطري اليوم، وفي المخاوف التي تساور الشعب القطري الشقيق من غلاء الأسعار والخشية من تبخر مدخراتهم ومن إحجام المستثمرين من الخارج عن الاستثمار في قطر، فالخشية أن يتعدى التأثير الحالة الاقتصادية إلى ما يعكر أمن واستقرار الشعب القطري الشقيق ويورطه في إشكالات أمنية تسعى تلك الدول التي استقوت بها القيادة القطرية وهؤلاء الإرهابيون والمتطرفون الذين تقف معهم هذه القيادة القطرية، إلى أن تورط فيها ليس الشعب القطري فحسب وإنما المنطقة برمتها، ولكننا على يقين أن حكمة الشعب القطري وسداده كفيلان بأن تجد طريقها للخلاص من هذا المأزق الذي دفع إليه دفعا.
وحتما.. ليس بوسع القيادة القطرية مهما كابرت وراوغت أن تتستر على انكشاف مدى التدهور الاقتصادي والمالي اللذين باتت تواجههما، فقد تصدرت فضيحة وضعها الاقتصادي نشرات الأخبار وعناوين الصحف، فالغربان لا يمكن أن تحجب ضوء الشمس.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي