هيئة توليد الوظائف .. وتخصصات سوق العمل

البطالة تحد اجتماعي اقتصادي ضخم جدا، وعلى الرغم من أن الأسباب الحقيقية عن وجود بطالة في المملكة غير معروفة تماما، لكن حاليا مع وجود هيئة توليد الوظائف، فإن الأمل يحدونا لمعرفة أسباب البطالة وأيضا العمل على مكافحتها من خلال اكتشاف منابع استمرار هذه الظاهرة، وأيضا إيجاد واكتشاف الفرص الوظيفية في الاقتصاد والعمل على توجيه الشباب نحوها، وهذا جهد كبير خاصة أن إحدى أكبر مشكلات البطالة هو غياب التنسيق بين التعليم العالي وسوق العمل، فكثير من الخريجين والخريجات يوجهون في الجامعات نحو تخصصات غير مناسبة مع الفرص الوظيفية التي توفرها سوق العمل. وللمثال فقد أعلنت هيئة توليد الوظائف أخيرا توافر 70 ألف وظيفة للنساء في أربعة تخصصات تشمل الصيدليات، وتطوير البرمجيات، والمحاسبة والتدقيق والتسويق والدعاية والإعلان. وهذا خبر مبشر جدا، ولكنه مبشر فقط إلى أولئك الخريجات في هذه التخصصات أو اللاتي يخططن من الآن لدخول الجامعة. ولكن ماذا عن الطالبات في تخصصات أخرى تستمر الجامعات في نشرها للقبول فيها؟ من الواضح أنها غير مطلوبة على الأقل حاليا، وقد لا يمكن أيضا إيجاد منابع وظيفية لها، وإذا استمرت الجامعات في تخريج طالبات في هذه التخصصات غير المطلوبة حتى عام 2030 فإن مشكلة البطالة ستظل عالقة، وذلك مهما بذلت هيئة توليد الوظائف من جهود لتوفير فرص في تخصصات معينة، وبالتأكيد لن تستطيع هيئة توليد الوظائف إجبار السوق وأرباب العمل على قبول خريجين في تخصصات غير التي يحتاجون إليها، فإذا كانت السوق بحاجة إلى تخصص صيدلة فلن يستطيع خريج من أي تخصص آخر إشغال هذه الوظيفة.
في منتدى الموارد البشرية الذي انطلق برعاية الأمير خالد الفيصل، أمير منطقه مكة المكرمة صرح محافظ هيئة توليد الوظائف أن الهيئة اتخذت ثلاثة مسارات رئيسة، للعمل على استحداث الوظائف، شملت العرض والطلب وسوق العمل، وذلك بهدف خفض البطالة من 12.8 في المائة إلى 7 في المائة بحلول 2030، وإذا كنا ندرك أن الطلب يعني عدد الخريجين الباحثين عن العمل وأن العرض هو عدد الوظائف المعروضة من قبل أرباب العمل، وإذا كانت سوق العمل هي المكان الذي يلتقي فيه الطرفان، فإن عنصرا رابعا لم يزل غير ظاهر في الصورة ويجب الاهتمام به من قبل هيئة توليد الوظائف وهو ما أشرنا إليه أعلاه، المصدر الأساس للخريجين أي الجامعات والتعليم العالي بكل تنوعه. فنحن بحاجة إلى تنسيق الجهود، فمع عمل هيئة توليد الوظائف على اكتشاف الفرص وتوجيه الخريجين إليها، فإنها بحاجة ماسة إلى أن تتعاون معها الجامعات فيتم إيقاف التخصصات التي ليس عليها طلب توظيف، أو إجراء تعديلات في هذه التخصصات بحيث تناسب فرصا وظيفية معينة، كما نحن بحاجة إلى مستويات متنوعة من الخريجين، فمثلا في قطاعات معينة قد لا يكون من المناسب أن يكون الخريجون عند مستوى البكالوريوس بل يكفي مستوى الدبلوم المتوسط، ولهذا فإن إيقاف البكالوريوس في تخصصات معينة سيعمل على حل مشكلات كثيرة عالقة حاليا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي