أموال الشعب الإيراني تذهب للقتل والجرائم

وضع إيران الاقتصادي يمضي قدما من سيئ إلى أسوأ. وهذه الحقيقة ليست جديدة، بل تعود لسنوات طويلة، يعرفها الإيرانيون العاديون قبل غيرهم، لأنها تمسهم مباشرة، من خلال تردي مستوى معيشتهم، وارتفاع الغلاء بصورة كبيرة، وازدياد عدد أولئك الذين يعيشون تحت خط الفقر. بينما تفقد العملة الإيرانية من قيمتها شيئا فشيئا. والنظام الإرهابي الحاكم في هذا البلد، يستخدم ما يعرفه (وهو الإرهاب) ضد شعبه، لإبقاء هذا الأخير صامتا. وعندما تحدث هذا الشعب قبل سنوات، وخرج في مظاهرات عارمة ضد الفساد والسرقة وتمويل حروب خارجية دنيئة، تعرض لأبشع الممارسات ضده، من قتل واعتقالات واختفاء، وتلفيق التهم للأبرياء. إنها استراتيجية وضعها نظام الملالي منذ استيلائه على السلطة في البلاد، واحتكاره كل شيء فيها.
الاقتصاد الإيراني ليس وطنيا بالمعنى المعروف للكلمة. لماذا؟ لأنه مرهون في الواقع لعصابات "الحرس الثوري"، والجهات النافذة التي تأخذ أوامرها مباشرة من علي خامنئي، ولا علاقة حتى لرئيس الجمهورية بها. ومع السنين نشأ اقتصاد مواز حقيقي يمتلكه خامنئي وعصاباته، ولا سيما بعد أن تمكن النظام على مدى السنوات الماضية من تحويل نسبة كبيرة من عوائد البلاد إلى حساباته المباشرة. فحتى في عز العقوبات العالمية التي فرضت على إيران، وجد خامنئي مجالات واسعة لمواصلة اقتناص الأموال ومنعها عن الشعب الذي بلغت به الأزمات، أن عانى من تأخر حتى في رواتب العاملين في بعض المؤسسات الحكومية. المال لا يصرف على الشعب، بل على العصابات التي تخوض حروبا ضد شعوب أخرى لم تذنب في شيء.
تكاليف الإرهاب الذي يقوده نظام خامنئي كبيرة، وتستهلك نسبة هائلة من العوائد القليلة التي تتمتع بها البلاد، بما في ذلك تلك التي ظهرت في أعقاب رفع بعض العقوبات الدولية عن هذا البلد، إثر الاتفاق النووي البائس. ولأن الأمر كذلك، لم يتمكن النظام من توفير فرص عمل ضرورية تتطلبها البلاد. والفرص الحقيقية التي يوفرها، ليست سوى تلك المرتبطة بالإرهاب نفسه، عن طريق تجنيد الإيرانيين للمشاركة في حروب خارجية، بل ارتكاب الفظائع في هذا البلد أو ذاك، ناهيك عن السياسة المنهجية في التغييرات الديموغرافية المستندة إلى الطائفية الشيعية الرهيبة. ولذلك كان طبيعيا ارتفاع أعداد العاطلين ضمن الأراضي الإيرانية، وازدياد الفقر، وتراجع العملة، وعدم إجراء التطوير حتى في حقول النفط التي يعتمد عليها النظام في تمويله الرئيس.
بسبب الاستراتيجية التخريبية الإيرانية، وتحدي طهران للمجتمع الدولي قاطبة، وتمويلها المستمر للإرهاب في أي مكان يمكنها الوصول إليه، بدأت مؤسسات غربية بالتراجع عن سلسلة من مخططاتها للاستثمار في إيران. في حين لم تقدم مؤسسات أخرى أصلا على العودة للساحة الإيرانية خوفا من العقوبات، خصوصا مع وجود التداخل في الحراك الاقتصادي الإيراني بين ما هو شرعي وما هو غير شرعي. فأغلبية المسارات الاقتصادية تصب في وعاء "الحرس الثوري" الإرهابي، وهذا الأخير يتعرض لعقوبات متجددة شهريا. والمؤسسات لا ترغب في خوض صراعات قضائية مع حكوماتها بهذا الخصوص، ولا سيما أنها تعرف استحالة الفوز في هذه الصراعات.
لا أمل لاقتصاد إيران الوطني الحقيقي الآن للوصول إلى مستوى طبيعي، طالما أن أموال الشعب الإيراني تذهب مباشرة إلى الحروب ونشر الظلم والقتل والعدوان والاحتلال. فالعالم دخل مرحلة جديدة في المواجهة مع النظام الإيراني، بعد أن استنتج (متأخرا) أنه نظام لا يستمر إلا بتنفيذ استراتيجية الخراب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي