أزمة تعلم .. وتقرير التنمية في العالم «2 من 2»

ليس الطلاب هم من يفشلون في المدارس وحدهم، بل إن المدارس تتسبب في فشل تلاميذها أيضا. ففي سبعة بلدان إفريقية، كان معلم واحد في المتوسط من بين كل خمسة معلمين متغيبا عن المدرسة في يوم زيارة مفاجئة قامت بها فرق المسح، وتغيّب معلمان اثنان من بين كل خمسة معلمين عن الفصول الدراسية رغم وجودهما داخل المدرسة. وفي المجتمعات النائية، تزداد هذه المشاكل حدة. وليس المقصود من هذه الدراسات التشخيصية إلقاء اللوم على المعلِّمين، بل لفت الانتباه إلى كيفية تقويض الأنظمة التعليمية لعملية التعلُّم من خلال الفشل في توزيع الموارد والإدارة والحوكمة.
هناك قليل جدا من عمليات قياس التعلّم، وليس الكثير منها، تتمثل التوصية الأولى للتقرير، لمعالجة أزمة التعلّم، في إجراء قياسات أكثر وأفضل للتعلّم. ففي حين أن اهتمام وسائل الإعلام ومناقشات المعنيين بالتعليم غالبا ما تركز على مسألة "الإفراط في" الاختبارات الوطنية وإبرازها، تشير نظرة واحدة على البيانات المتاحة إلى أن عديدا من البلدان تفتقر إلى المعلومات حتى عن التعلّم الأساسي. إذ كشفت دراسة شملت 121 بلدا أن بلدا واحدا من بين كل ثلاثة بلدان يفتقر إلى بيانات عن إتقان التلاميذ القراءة والرياضيات في نهاية المرحلة الابتدائية، بل إنه يفتقر حتى إلى هذه البيانات في نهاية المرحلة الإعدادية "المتوسطة".
البلدان ترغب في الاستثمار في التعليم، لكن الاستثمارات في حاجة إلى أن تكون أكثر مراعاة لعملية التعلم
ترغب البلدان في الاستثمار في التعليم، لكن التقرير يؤكد أن الحكومات لا تحتاج إلى إنفاق مزيد فحسب، بل تحتاج أيضا إلى تحسين هذا الإنفاق، وذلك عن طريق التأكد من تخصيص الموارد على نحو أكثر فعالية وإنصافا. ويأتي معظم التمويل من مصادر محلية، ويشكل الإنفاق على التعليم أكبر نسبة منفردة من موازنة الدولة، حيث تبلغ في المتوسط نحو 15 في المائة من الموازنة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. وفي حين أن ذلك يوضّح أن الحكومات تدرك أهمية التعليم، يظهر التقرير أن زيادة الإنفاق وحده لا تكفي لتحسين التعلّم.

قرنان من النمو في التعليم الابتدائي والثانوي
على الرغم مما ورد في التقرير من تحديات، فإن الأمر يستحق اتخاذ خطوة إلى الوراء لمعرفة ما حققه العالم من تقدم في مجال التعليم على مدى 200 عام مضت. فمعظم الأطفال يحصلون على التعليم الأساسي في الوقت الراهن، وكل جيل يقضي وقتا أطول في المدرسة مقارنة بالجيل السابق. إذ تجاوزت سنوات الدراسة التي أكملها الشخص البالغ العادي في بلد منخفض أو متوسط الدخل أكثر من ثلاثة أمثالها بين عامي 1950 و2010 - من عامين إلى 7.2 أعوام. وهذا المعدل لم يسبق له مثيل في التاريخ. فقد استغرق الأمر 40 عاما من الولايات المتحدة، بين عامي 1870 و1910، لزيادة نسبة التحاق الفتيات من 57 في المائة إلى 88 في المائة. في حين حقق المغرب زيادة مماثلة خلال عشر سنوات فحسب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي