فروق في التأثير بين الأجلين القصير والطويل

يناقش كثير من أمور الاقتصاد عبر شبكات التواصل الاجتماعي. ومن أكثر الأمور الاقتصادية في سوء فهمها مشكلة جهل أو تجاهل كثيرين تفهم الفرق بين الأجل القصير والأجل الطويل في تبعات وآثار وتأثيرات القرارات وغيرها من الأحداث المؤثرة في الاقتصاد والحياة الاقتصادية.
مثلا عندما تصدر قرارات حكومية كزيادة رسوم إقامة الوافدين وغيرها، فإنها تتسبب في ردود أفعال وتأثيرات. لكن المهم معرفة أن التأثيرات خلال وقت قصير كشهور إلى سنتين ليست في الغالب هي نفسها ردود الأفعال والتأثيرات على مدى سنين. وهذه نقطة يجهلها أو يتجاهلها كثيرون.
كون ردود الفعل السريعة غير ردود الفعل على المدى البعيد أمرا نمارسه في حياتنا. مثلا، عند وقوع مشكلة لأحدنا، فإن الملاحظ جيدا أن رد فعله السريع تجاه المشكلة، يختلف غالبا عن رد فعله البطيء على المدى البعيد. بالمثل، رد فعل الأطراف الاقتصادية ذات العلاقة من بائع ومشتر ومنتج ومستهلك وغيرهم، رد فعلهم السريع على المدى القصير تجاه الرسوم ليس هو نفسه ما يحدث على المدى البعيد.
لا يقرر علم الاقتصاد مدة محددة بالضبط للأجل القصير والأجل الطويل. والمحك في التفريق هو قدر ما يملكه صاحب الشأن "سواء صاحب عمل أو موظف أو غيرهما" من وقت يمكنه خلاله من التأقلم والتكيف مع تبعات القرار. التفاعل مع القرار في الوقت القصير يختلف عن التفاعل مع القرار في الوقت الطويل. والسبب أن الموارد المتاحة لصاحب الشأن وقدرته على التصرف بها في الوقت القصير أقل وأضعف كثيرا من الموارد المتوقع إتاحتها وقدرته على التصرف فيها على المدى البعيد.

كيف نفرق بين المديين القصير والطويل؟
المدى القصير يعني مدة زمنية يوجد فيها ما لا يقل عن عامل إنتاجي واحد ثابت "بقية العوامل الإنتاجية متغيرة، أي يمكن زيادتها وإنقاصها خلال زمن قصير". وتتفاوت الصناعات والأنشطة بينها في قدر تلك المدة الزمنية.
مثال توضيحي:
لنفترض مصنعا يحتاج إلى عوامل الإنتاج الأربعة التالية:
1. مواد خام.
2. يد عاملة.
3. مكائن.
4. مبان.
لنفترض أن الطلب على إنتاج المصنع زاد فجأة بنسبة 40 في المائة لسبب ما. بإمكان المصنع شراء مواد خام في وقت قصير. كما بإمكانه تشغيل العاملين وقتا إضافيا. لكنه لا يستطيع الحصول على المكائن والمباني بسرعة. لكنه طبعا يستطيع الحصول عليهما وعلى غيرها من عوامل الإنتاج خلال وقت طويل.

ماذا يعني ذلك؟
يمكننا فهم الأجل القصير والأجل الطويل، ليس بناء على زمن بعينه، ولكن بناء على الوقت المطلوب للحصول على أي عامل من عوامل الإنتاج. ويمكننا فهم الأجل الطويل على أنه الوقت اللازم ليس فقط بعدد العاملين، ولكن أيضا في حجم التشغيل والإنتاج.

علاقة الأجل القصير والأجل الطويل بالتكلفة
معروف محاسبيا واقتصاديا وجود تكاليف ثابتة وتكاليف متغيرة. التكاليف الثابتة لا تتغير بتغير الإنتاج. مثلا، تكلفة المبنى تبقى حتى لو توقفت المنشأة عن العمل. التكاليف المتغيرة يمكن التحكم بها حسب حجم الإنتاج. وترتبط التكاليف المتغيرة بالأجل القصير الذي أوضحت معناه سابقا.

نتيجة
خلال الأجل القصير ستستمر المنشأة غالبا في العمل، إذا كانت أسعار السوق تكفي لسداد على الأقل التكاليف المتغيرة. خلالها قد تكون المنشأة رابحة أو خاسرة أو لا رابحة ولا خاسرة.
أما في الأجل الطويل، فإنه يجب أن تكون الأسعار مرتفعة بما يكفي لتحقيق ربح يتماشى مع السوق. وستخرج منشآت من السوق إذا كانت أسعار السوق لا تحقق ربحا.

التكاليف من وجهة اقتصاد كلي أي كل الاقتصاد
تكون الأجور وتكاليف عوامل الإنتاج الأخرى عادة جامدة في الأجل القصير. أما في الأجل الطويل فإن المرونة وليس الجمود هي العامل الأقوى في السوق. وهذه نقطة مهمة في صياغة السياسات من مالية "إيرادات ومصروفات الدولة" ونقدية "سعر صرف وسعر فائدة" للتأثير في الاقتصاد. المتوقع أن تأثير هذه السياسات أقوى في الأجل القصير مقارنة بالأجل الطويل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي