أهمية الإدارة الوسطى «2 من 2»

تظهر توجهات الجيل الجديد، أننا ننتقل إلى عصر تحكمه المشاعر سواء رغبنا في ذلك أم لا. حيث يتوقع من الشركات إرضاء الاحتياجات العاطفية لجميع الشرائح التي تتعامل معها. وليس من المؤكد أن ذلك يعني أن إلغاء نظام التسلسل الهرمي هو الخيار الأفضل المتاح أمام الشركات للتحضير لهذا التغيير الكبير.
ومن الصحيح أنه من دون المديرين، سيصبح الموظفون قادرين على الوقوف على قدميهم، ما يعزز عندهم مشاعر الفخر وتقرير المصير. ولكن بوجود مديرين مؤهلين، سيعرف الموظفون أين يقفون. تأتي التوقعات مع قدر معقول من الاستمرارية والوضوح. ويتم تقييم أداء الموظفين من قبل شخص يشاركهم مؤشرات الأداء الرئيسة عوضا عن اللجوء إلى زملائك الذين قد ينظرون إليك كمنافس.
الشعور بالاستقرار العاطفي هو أقل ما يجب على الشركة التقليدية تقديمه لموظفيها. تصور مدى القيمة التي قد يجنيها المديرون من خلال إعطاء الأولوية لعلاقتهم مع موظفيهم باعتبارها وسيلة غير مباشرة لتحفيزهم على تحقيق أهداف الشركة، عوضا عن وضع كامل تركيزهم على الأهداف والنتائج فقط.
كمثال على ذلك: نتوقع في الوقت الحالي أن يكون لدى الإدارة العليا رؤية ملهمة لشركاتهم. ويسرنا أن نشارك أقوال لكبار التنفيذيين التي تعبر ببلاغة عن وجهة نظرهم. فبلاغة الخطاب قد تقوم بتحفيز وإلهام البشر. ولكن في نهاية المطاف، نحن نتصرف مدفوعين بما يمسنا بشكل شخصي. ولذلك بإمكان الإدارة الوسطى ترجمة رؤية الإدارة العليا لموظفيهم بطريقة تلهمهم من خلال الاستفادة من علاقتهم المقربة بموظفيهم.
فالصورة النمطية السلبية المرسومة في الذهن عن الإدارة الوسطى موجودة قبل دخول جيل الألفية الجديد كقوة عاملة. وقد تم تصويرهم على مدى عقود، كأشخاص جبناء. أسهمت هذه النظرة في تعريضهم لفقدان عملهم عند موجة خفض التكاليف في تسعينيات القرن الماضي. نوهت لذلك في عام 2001 في مقالتي التي كتبتها لهارفارد بيزنس ريفيو بعنوان "الإشادة بالإدارة الوسطى"، حيث ناقشت دور الإدارة الوسطى في تقديم مساهمات قيمة لتحقيق تغيير جذري في الشركات، التي يتم تجاهلها إلى حد كبير من قبل كبار المسؤولين التنفيذيين".
غالبا ما يساء فهم مديري الإدارة الوسطى، وعلى الرغم من ذلك لا بد من القول إنهم لم يساعدوا على تحسين صورتهم على العموم. كما أن اتهامهم بأنهم كثيرا ما يفتقرون إلى لمسة من الإنسانية ليس صحيحا تماما. مع أن هذا الاتهام يعتبر مبررا إلى حد كبير عند التفكير في الأمر مليا. فعادة ما تستند ترقيتهم الوظيفية على تميز أدائهم الوظيفي، في الوقت الذي يتم فيه تجاهل مهاراتهم الأخرى. ولا عجب أنه عندما يطلب منهم قيادة الإدارة الوسطى يتبنون في كثير من الأحيان أسلوبا يتطلب منهم قدرا أقل من الدهاء عن طريق إعطاء الأوامر والسيطرة.
التعامل مع هذه النوعية من المديرين -وأغلب الظن معظمنا قد صادف واحدا على الأقل- كاف لأن يجعلنا نفهم أسباب المطالبة بأسلوب زابوس المعادي للإدارة. ولكن اتخاذ الخطوة التي طال انتظارها بتمكين الإدارة الوسطى للقيام بدور أكبر من الناحية العاطفية، يعتبر أفضل طريقة للقيام بتغيير منهجي. وبهذه الطريقة تستطيع الشركات تحقيق الاستفادة القصوى من ثقافتهم العاطفية العميقة خاصة عند توليهم مناصب في القيادة العليا.
يبقى ما كتبته عام 2001 صحيحا: مديرو الإدارات الوسطى هم الأبطال المجهولون لأي تغيير جذري.

المزيد من مقالات الرأي