فرصهم أكبر

فرص غير الخليجيين في التجارة، والمال أكثر من الخليجيين في أوطانهم غالبا! واحدة من إشكاليات المناقشة لمثل هذه الموضوعات هي "فوبيا" الإعلام من (العنصرية)، أو ما يسمى بكراهية الأجانب، والتحريض عليهم.
وهو بعيد جملة وتفصيلا عن مناقشة تطبيقات السوق والقوى العاملة، وتصدير الثروة من خلال التستر والغش التجاري وكل صور الكسب الحرام، وسحب فرص التوظيف من المواطنين الأصليين، وكأنهم غرباء في أوطانهم.. كما هو حال بعض الدول، فكل حديث يتعمد الوقوف على واحدة من الظواهر الغريبة في اقتصادات العالم، وهي ما تمثله دول الخليج بوصفها أكبر مصدر للمال بعد النفط. عبر التحويلات الرسمية فقط، إذ بلغ في عام 92 (635 مليار ريال) والتحويل غير الرسمي يناهز هذا الرقم، وهو في زيادة تصاعدية بنسبة 25 في المائة سنويا، وبذا دول الخليج تصدر المال لخارجها أكثر من النفط، وهي من أكثر دول العالم في تصدير المال لخارجها.
مما سينتهي حتما إلى تأثر الاقتصاد، وزيادة نسب البطالة، وتراجع معدلات النمو، وإقامة الخلل الدائم في توزيع الموارد. والكفاءة الاقتصادية. والجانب الأكثر قسوة في هذا الواقع هو تراجع الفرص العادلة للمواطنين أمام الغرباء القادمين من مختلف قارات العالم.
إن واحدة من الأسباب للحلول المتأخرة مؤلمة أكثر، وقاسية أكثر، وبطيئة التبدل أكثر، كغصن الشجر في تقويم اعوجاجه غصنا، وبذل الجهد لتعديله بعد التصالب على عوج وانحراف!
إن هذا الواقع كان لكل واحد منا نصيب فيه، وقدر من رعايته، والمشاركة في بقائه، وعدم الخروج منه، إن المليون تأشيرة لسائقين خاصين في الأشهر الستة الماضية، انساب العدد الأكبر إلى شركتي كريم، وأوبر.. ليستوعبوا فرصة جديدة من فرص الكسب الحلال لأبناء البلد.. إلا أن من استجلبهم ومكنهم وأتاح لهم هم سعوديون. ضد سعوديين أكثر فقرا، وأكثر حاجة وعوزا، وهذا المشهد يتكرر في البحرين، وفي دول أخرى!
قلما نجد من يفتح، بقالة، أو مطعما، ثم يعمد إلى أسرة مواطنة، ويجعله مناصفة بينهم، مضاربة شرعية لهم نصف الربح مقابل الإدارة والتشغيل.. ولكن هذا هو الشائع المعمول به. الذي يحصل عليه التركي واللبناني والسوري والهندي وكل الجنسيات الأخرى. لأن رب العمل والمال، يتنازل عن نصف الربح كاملا حلالا للوافد، وبذا يعطيه فرصة الحصول على عشرات الآلاف شهريا. وتشح بها نفسه لو طلب منه الأمر ذاته مع أخيه أو أحد أرحامه!
ولم يكن الحال أفضل في الشركات التي تعمدت الإقصاء والإبعاد والتهميش إلى أدنى الرتب والوظائف والدرجات بشعور باطن بعدم الكفاءة أو انعدام المسؤولية للمواطنين.
في الرياض.. كنت أتنقل مع سائقين سعوديين يعملون خارج أوقات عملهم في "أوبر"، وبعضهم وقته كاملا، لقد عبروا حاجزا وهميا اسمه العيب، والخجل من تقبل أن يقدم خدمة ويحصل على الأجر العادل لها.
وفي القطيف دخلت مطعما كان الزوج وزوجته وأطفاله يباشرون تحضير الطعام وتقديمه.. ومعهم فريق من السعوديات ورأس المال كان قرضا غير ربوي من رجل أعمال يستوفي ماله من الربح شهريا!
بقليل من الفرص التي نمكن المقيمين منها، لو أعطيناها إلى أبنائنا وبناتنا، ومنحناهم حقهم الطبيعي في خطأ التعلم، وضعف اكتساب الخبرة في أول المحاولة وأول السعي.. سننتهي إلى وفرة الفرص وعدالتها ونيل خير التجارة وخير الكسب ولتوقف هذا التصدير المروع للمال خارج دول الخليج الشركات الصغيرة التي تهدف إلى توطين المشاريع الصغيرة والمتوسطة. لعلها تكون خطوة واحدة من خطوات كثيرة سيأتي عليها الكلام في المقال المقبل ـــ إن شاء الله تعالى ـــ.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي